السبت 10 مايو 2025 04:40 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد سعد عبد اللطيف يكتب: عيد النصر الروسي بين طبول الحرب ودعوات الهدنة..مشهد الصراع إلى أين؟

الكاتب  الكبير محمد سعد عبد اللطيف
الكاتب الكبير محمد سعد عبد اللطيف

بينما تستعد موسكو للاحتفال بـ"عيد النصر" في التاسع من مايو، ذلك التاريخ الرمزي الذي يُخلّد هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية، تتصاعد طبول الحرب في أوكرانيا إلى ذروة جديدة، تطرح تساؤلات حاسمة: هل نحن على مشارف هدنة مؤقتة، أم أمام تصعيد ينذر بانفجار إقليمي وربما عالمي؟


ضيوف غير عاديين.. ورسائل مزدوجة


الحدث هذا العام يأتي في سياق بالغ الحساسية. دعوات رسمية وُجهت إلى قادة دول كبرى مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، في لحظة سياسية حرجة يحاول فيها الكرملين كسر العزلة الدولية وتأكيد مكانته في النظام العالمي الجديد. المفارقة أن زيارات مماثلة جرت، أو يجري الحديث عنها، من الجانب الأوكراني في ذات التوقيت، مما يثير مخاوف أمنية بالغة حول سلامة كبار الضيوف وسط تهديدات متبادلة بين موسكو وكييف.


التهديد الروسي: "محو كييف من الوجود"


في رد قاسٍ وغير مسبوق، خرجت تصريحات روسية رسمية تُحذر من "محو كييف من على وجه الأرض" إذا ما استهدفت روسيا خلال الأيام الثلاثة المرتقبة للاحتفال. هذا التحذير يحمل بين طياته دلالات خطيرة، فهو لا يعكس فقط نية الردع، بل يلوّح باستخدام السلاح النووي التكتيكي أو الاستراتيجي، وهو سيناريو كان يُنظر إليه طويلاً كخط أحمر.


زيلينسكي والتحدي المستمر


من جانب آخر، لا يبدو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يأخذ هذه التهديدات على محمل التسليم. بل على العكس، فإن خطاباته الأخيرة تعكس رغبة في انتزاع مكاسب استراتيجية وإعلامية عبر التصعيد في وقت حساس لموسكو. ومع أن كييف ترغب في "هدنة طويلة" تتيح إعادة التموضع العسكري وتلقي المزيد من الدعم الغربي، فإن التكتيك الظاهر يهدف إلى جعل أي هدنة قصيرة بلا فائدة سياسية أو ميدانية للطرف الروسي.


هل نحن أمام "هجوم علمي" في ذكرى النصر؟


تحذر تقارير استخباراتية وتسريبات من سيناريو محتمل: استغلال عيد النصر كغطاء لهجوم مفاجئ على منشآت أو مواقع حيوية في موسكو أو شبه جزيرة القرم، مما يخلق لحظة اشتعال كبرى قد تُجبر روسيا على الرد الكارثي. وهنا تُطرح أسئلة عن مدى جاهزية الصين والبرازيل، كقوتين دوليتين، للعب دور الوسيط أو الحاجز ضد الانفجار.


مشهد دولي جديد


في خلفية هذا التصعيد، يتبلور نظام دولي جديد، فيه تضع روسيا مع الصين وباقي دول "البريكس" أسس مواجهة عالمية جديدة مع الغرب. ومع وجود إشارات لوساطات خجولة من أنقرة والفاتيكان وبعض العواصم الإفريقية، إلا أن لغة الميدان لا تزال هي الحاسمة.


خلاصة المشهد


لا يبدو أن "عيد النصر" هذا العام سيكون احتفالية عابرة كما في الأعوام الماضية. هو اختبار حقيقي للتوازن بين الردع النووي والحسابات الجيوسياسية، ولقدرة المجتمع الدولي على احتواء حرب باتت على أعتاب الكارثة. أوكرانيا تريد استنزاف روسيا حتى النهاية، وروسيا تلمّح بنهاية وجود كييف إن استمر التحدي. ما بين تهديد نووي وعجز دولي، قد يصبح التاسع من مايو هذا العام نقطة مفصلية في إعادة تشكيل خريطة العالم السياسية والأمنية.,,!!

#محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

[email protected]