د.كمال يونس يكتب : قلبي مليان حكايات


مسرحية غنائية استعراضية قدمتها فرقة كيميت يومي ٨و٩ مايو على مسرح الهناجر بدار الأوبرا ، تمثيل وغناء/كريمة نايت، شرلى احمد، الطفلة تمارا مصطفى حجاج، أداء صوتي د.عبدالله سعد ،فيديو مابينج/محمد عبد الرزاق، تصميم رقصات/عمرو باتريك، تصميم إضاءة/محمد عبد المحسن، تصميم دعاية/ مي عبد القادر، وإعادة صياغة أغاني شريف الوسيمى، تأليف أغاني وملابس وإضاءة تأليف وإخراج حمدي العربي .
العرض دراما نفسية استعراضية كنتاج لحياة عاطفية مضطربة ، خلفت صراعا نفسيا داخليا عانت منه المطربة الراحلة داليدا ، وتضخم لديها الشعور بالفقد بموت الأعزاء حيث تأثرت داليدا بشدة لوفاة شريكها لويجي تينكو عام 1967 الذي مات منتحرًا، تزوجت من لوسيان موريس أول رجل أحبته بصدق رجل حبته بصدق، لكنهما "Lucien Morisse" انفصلا عن بعضهما بعد زواج دام عدة أشهر فقط رغم أن حبهما كان حديث المجتمع في ذاك الوقت، فقد كان كل واحد منهما يصرح للآخرين بأنه متيم بالآخر ولا يمكنه أن يعيش بدونه لأنه حب حياته وما إلى ذلك، وكان سبب الانفصال هو بعد أن عثرت داليدا على حبها الحقيقي بعد أن اعتقدت أن حبها هو في من تزوجته ،ولكنها تركته من أجل الرسام جيان سوبيسكي فيما بعد تزوج امرأة أخرى، بعدها بسنوات قليلة انتحر زوج داليدا الأول لوسيان بعد أن أطلق النار على نفسه إثر فشل زواجه الثاني وإخفاق محاولاته أيضًا لرجوعه لداليدا حبه الأول، وفي سنة 1967 عشقت داليدا الشاب الإيطالي لويجي "Luigi Tenco" وكان مغنيا في بداية طريقه، وقد دعمته دليدا ليصبح نجمًا، لكن الفشل طرق بابه بعد مشاركته بمهرجان سان ريمو سنة 1967 فانتحر بمسدسه في أحد الفنادق، والمؤسف في الأمر ان داليدا كانت أول من رأى جثته ممددة ومغطاة بالدماء، عندما ذهبت لتواسيه بعدم نيله التقدير في المهرجان والذي شاركا فيه!، وعندما تمكنت من نسيان الماضي أحبت رجل بفترة السبعينات ولكنه هو الآخر توفي منتحرا.
من داليلة إلى داليدا وهو دمج بين اسمها يولاندا والاسم المستعار لها في باريس داليلة إذا اعتبر أحد أصدقائها المنتجين الذي اكتشفها في مصر اسما غريبا عدوانيا.
أطلقوا عليها لقب الديفا الذي يشير إلى امرأة مشهورة ذات موهبة بارزة في عالم الأوبرا والمسرح والسينما والموضة والموسيقى الشعبية ، ومعنى ديفا مرادف لكلمة بريما دونا ( لفظ إيطالي معناه السيدة الأولى) في مجال الأوبرا والاستعراض ، وكلمة ديفا اسم من الأساطير الرومانية بمعنى الإلهية أو السماوية . أي تناقض بين و عالم الشهرة والأضواء وفقدانها السعادة الداخلية وقد انتهى بانتحارها لتناول الحبوب المهدئة يوم الأحد الموافق 3 مايو 1987 ، عن عمر يناهز 54 عامًا بعد أن تركت رسالة تحمل " سامحوني الحياة لم تعد تحتمل ". ودُفنت في مقبرة مونمارتر (باريس) "Cimetière de Montmartre" بباريس. " وقد تم صنع تمثال لها على القبر بنفس الحجم الطبيعي لها وهو يعتبر أحد أكثر الأعمال المنحوتة تميزًا في المقابر الخاصة بالمشاهير.
قصتها ألهمت مؤلف ومنتج ومخرج العرض حمدي العربي إذ يقول عن عرض" قلبي مليان بحكايات”: نحن لسنا فقط أمام استحضار لسيرة أسطورة الغناء العالمي داليدا، لكن داليدا” هنا مجرد رمز لامرأة تحدت واقعها، وغلبت قيود المجتمع والروح؟ العرض يدور حول سيرة فنية وإنسانية مركبة، تبدأ من طفولة فقيرة على أطراف قطار الحياة، مرورًا بتجارب قاسية في أوروبا وأمريكا، وسط مناخ سياسي واجتماعي كان مغلقًا.
داليدا في هذا العمل ليست فقط المطربة التي أحببناها وتغنينا بأغانيها، بل هي إنسانة هشة رغم قوتها الظاهرة، حققت المجد، ولكن انتهى بها الطريق إلى الوحدة والتعاسة. ورغم تكريمها في شوارع باريس، حيث سُمى شارع باسمها ونُصبت لها التماثيل، فإنها في نهاية المطاف كانت تبحث عن ذاتها، عن إنسانيتها التي ضاعت وسط صخب الأضواء.
وعن رؤيته الخاصة للعرض يقول ا.د.عبد الله سعد مخرج الأوبرا الأول في الشرق الأوسط ومؤسس قسم المسرح الموسيقي بالمعهد العالي للفنون المسرحية :
حياة الفنانة داليدا تستحق إلقاء الضوء عليها لما لها من تاريخ فني جميل محترم ، مع غموض شخصيتها، استطاع المخرج أن يبرز و يظهر نقاط مهمة في حياتها .
العرض لوحه فنية متكاملة الأركان تضافرت جميع عناصره سواء تمثيل موسيقى استعراضات راقصة معبرة أجاد المخرج في تظافر عناصر العرض مما أنتج لوحة فنية رائعة مكتملة الأركان وعملا راقيا متميزا يعرض لسيرة ذاتية لداليدا يجب أن نحذو حذوها في أعمال أخرى متشابهة، أفلح المخرج في تحقيق رؤيته الخاصة بالعرض مظهرا في جلاء نقاط مهمة في حياتها منذ البداية، ومراحل تطورها الفني ، مستعرضا لكثير من أعمالها الغنائية التي قامت بها وحياتها الشخصية، الديكور والإكسسوارات عبرا في بساطة وسلاسة مع استخدام شاشة العرض التي أكد بها البعد الدرامي والجماعي للمشاهد مع تناسق مفردات الديكور التي ليست سوى سرير وسلم استخدمه في احد المشاهد الخاصة بالاستعراض، ومع أن الإمكانيات الإنتاجية بسيطة إلا أنها كانت معبرة عن جو البزخ والثراء من حيث الألوان التي تضافرت مع تمام مع الإضاءة بألوانها الصاخبة والتي توافقت تماما مع الاستخدام المتقن للجرافيك للمهندس محمد عبد الرازق، كما أجاد توظيف تصميم الرقصات التي أبدعها عمرو باتريك في بتميز من حيث التشكيل والمدلولات الدرامية .
موسيقى العرض التي قام بتأليفها المبدع شريف الوسيمي وهو يعتبر من أحسن المؤلفين الموسيقيين والملحنين الشباب في هذه الفترة، وله من الأعمال الكثير الذي نالت نجاحا كبيرا في مشواره بموسيقاه التصويرية ورؤيته الموسيقية الممتازة،
ترشيحات المخرج حمدي العربي لأبطال العرض موفقة تماما مع شخصية دليلة وخصوصا الطفلة الجميلة التي قامت بدورها الفتاة الصغيرة، والفنانة كريمة نايت الجزائرية التي جاءت خصيصا للمشاركة بالعمل ،وهي فنانة شاملة متكاملة، غناء وتعبيرا تمثيلا، فنانة استعراضية شاملة .