خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( نتنياهو .. ”مقدرش على ترامب راح يشد فى ماكرون” )


لم يكن تأكيد نتنياهو على أن إسرائيل ماضية في استعداداتها للهجوم الشامل على غزة إلا لإيصال رسالة استياء غير مباشرة إلى ترامب الذى تناساه و تلاشاه وتجاهله فى الفترة الأخيرة ..
و راح نتنياهو العاجز أمام ترامب ... يستضعف ماكرون بعد تصريحات الأخير ضد إسرائيل بضرورة وقف إطلاق النار و إيصال المساعدات إلى غزة .. و كل ما يختزنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من توتر مكبوت بفعل تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب له في أكثر من قرار أعلنه في الأسابيع الأخيرة ، صبّه على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، لأن الأخير انتقد منع إسرائيل المساعدات بالمرة عن مليوني فلسطيني مهدد معظمهم بالموت جوعاً تحت وابل القنابل التي تنهمر على رؤوسهم ..
و في رأي نتنياهو ، أن ماكرون إرتكب ذنباً لا يغتفر و صار في نظره مؤيداً "لمنظمة إسلامية إرهابية قاتلة"، لمجرد اعتباره "أن ما تقوم به حكومة نتنياهو ( في غزة ) غير مقبولٍ ... و مخزٍ" بسبب الحصار المطبق على القطاع و منع دخول المساعدات الإنسانية والمستمر منذ 2 مارس .. و لفت ماكرون إلى أن مسألة إعادة النظر في "اتفاقات التعاون" بين الاتحاد الأوروبي و إسرائيل "مطروحة" على طاولة البحث ..
حيث يستعيض نتنياهو عن عدم قدرته على انتقاد سياسات ترامب ، بهذا الهجوم الكاسح على ماكرون ، الذي قد يصل لاحقاً إلى حد إتهامه بمعاداة السامية ، على غرار ما يحصل مع كل من يتجرأ على توجيه الانتقاد لإستخدام إسرائيل التجويع سلاحاً ضد الغزاويين لحملهم على هجرة قسرية ، أو على القبول بأن تقتلهم إسرائيل من دون اعتراض ..
فى الحقيقة لم يقل ماكرون غير ما تقوله "الأونروا" و منظمات إنسانية و حقوقية دولية أخرى .. حيث جاء في أحدث بيان لمنظمة "أطباء بلا حدود" : "نشهد في الوقت الحاضر ، تهيئة الظروف للقضاء على الفلسطينيين في غزة".. وهذا كناية عن الإمعان في تجريد سكان غزة من إنسانيتهم ، و قتلهم بدم بارد ..
فنتنياهو ، غاضب في الأصل من ترامب الذي فجّر آخر مفاجآته الثلاثاء خلال زيارته للسعودية ، عندما أعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بناء على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، و من ثم لقائه الأربعاء الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ..
و نتنياهو ، غاضب لأن رفع العقوبات عن سوريا يتيح فرصة لبقاء هذا البلد موحداً ، بينما يرى نتنياهو و وزراؤه أن المصلحة الإسرائيلية على المدى البعيد ، هي "تفكيك" سوريا إلى دويلات طائفية و عرقية متناحرة ..
و نتنياهو ، غاضب لأنه يشعر بأن ترامب تركه في العراء ، عندما أبرم هدنة أحادية مع الحوثيين في اليمن ، لم تشمل إسرائيل ..
و نتنياهو ، غاضب لأن ترامب يراهن على نجاح المفاوضات مع طهران ، بما يعني أن الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ، ينزع الذريعة من إسرائيل للجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران ..
و نتنياهو ، غاضب من سماح ترامب لمسؤول أميركي بلقاء القيادي في "حماس" خليل الحية في الدوحة الأحد ، بما أتاح إطلاق الأسير الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية إيدان ألكسندر ، بما يحمل ذلك من دلالات كبيرة على أن الديبلوماسية يمكن أن تنجح حيث تخفق القوة ..
و أشد ما يغضب نتنياهو ، هو عدم قدرته على التنفيس عن حالة الخنق الذي يشعر بها ، و لا يجد أحداً في الولايات المتحدة يلجأ إليه كي يضغط على ترامب كي يوقف مسلسل المفاجآت .. و لم يترك نتنياهو في الـ19 شهراً من عمر حروبه مناسبة و إلا أظهر فيها تكبره على الديموقراطيين ، و أظهر نكران جميل للرئيس السابق جو بايدن المفاخر بـ"صهيونيته" ، و هرع إلى إنقاذ إسرائيل من إخفاقها الكبير في 7 أكتوبر 2023 و حماها حتى خروجه من البيت الأبيض ..
و أخيراً ، وجد نتنياهو الحل في التصعيد بوجه ماكرون .. و ما تأكيده هذا إلًا على أن إسرائيل ماضية في إستعداداتها للهجوم الشامل على غزة و إعادة احتلال القطاع و حشر سكانه في مساحة أقل من ربع مساحته الإجمالية ، إلا لإيصال رسالة استياء غير مباشرة إلى ترامب .. و فى هذا نستدعى المثل الشعبي القائل " مقدرش على الحمار .. راح يشد فى البردعة " .