الأحد 18 مايو 2025 10:26 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( نتنياهو .. ”مقدرش على ترامب راح يشد فى ماكرون” )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

لم يكن تأكيد نتنياهو على أن إسرائيل ماضية في استعداداتها للهجوم الشامل على غزة إلا لإيصال رسالة استياء غير مباشرة إلى ترامب الذى تناساه و تلاشاه وتجاهله فى الفترة الأخيرة ..

و راح نتنياهو العاجز أمام ترامب ... يستضعف ماكرون بعد تصريحات الأخير ضد إسرائيل بضرورة وقف إطلاق النار و إيصال المساعدات إلى غزة .. و كل ما يختزنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من توتر مكبوت بفعل تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب له في أكثر من قرار أعلنه في الأسابيع الأخيرة ، صبّه على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، لأن الأخير انتقد منع إسرائيل المساعدات بالمرة عن مليوني فلسطيني مهدد معظمهم بالموت جوعاً تحت وابل القنابل التي تنهمر على رؤوسهم ..

و في رأي نتنياهو ، أن ماكرون إرتكب ذنباً لا يغتفر و صار في نظره مؤيداً "لمنظمة إسلامية إرهابية قاتلة"، لمجرد اعتباره "أن ما تقوم به حكومة نتنياهو ( في غزة ) غير مقبولٍ ... و مخزٍ" بسبب الحصار المطبق على القطاع و منع دخول المساعدات الإنسانية والمستمر منذ 2 مارس .. و لفت ماكرون إلى أن مسألة إعادة النظر في "اتفاقات التعاون" بين الاتحاد الأوروبي و إسرائيل "مطروحة" على طاولة البحث ..

حيث يستعيض نتنياهو عن عدم قدرته على انتقاد سياسات ترامب ، بهذا الهجوم الكاسح على ماكرون ، الذي قد يصل لاحقاً إلى حد إتهامه بمعاداة السامية ، على غرار ما يحصل مع كل من يتجرأ على توجيه الانتقاد لإستخدام إسرائيل التجويع سلاحاً ضد الغزاويين لحملهم على هجرة قسرية ، أو على القبول بأن تقتلهم إسرائيل من دون اعتراض ..

فى الحقيقة لم يقل ماكرون غير ما تقوله "الأونروا" و منظمات إنسانية و حقوقية دولية أخرى .. حيث جاء في أحدث بيان لمنظمة "أطباء بلا حدود" : "نشهد في الوقت الحاضر ، تهيئة الظروف للقضاء على الفلسطينيين في غزة".. وهذا كناية عن الإمعان في تجريد سكان غزة من إنسانيتهم ، و قتلهم بدم بارد ..

فنتنياهو ، غاضب في الأصل من ترامب الذي فجّر آخر مفاجآته الثلاثاء خلال زيارته للسعودية ، عندما أعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بناء على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، و من ثم لقائه الأربعاء الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ..

و نتنياهو ، غاضب لأن رفع العقوبات عن سوريا يتيح فرصة لبقاء هذا البلد موحداً ، بينما يرى نتنياهو و وزراؤه أن المصلحة الإسرائيلية على المدى البعيد ، هي "تفكيك" سوريا إلى دويلات طائفية و عرقية متناحرة ..

و نتنياهو ، غاضب لأنه يشعر بأن ترامب تركه في العراء ، عندما أبرم هدنة أحادية مع الحوثيين في اليمن ، لم تشمل إسرائيل ..

و نتنياهو ، غاضب لأن ترامب يراهن على نجاح المفاوضات مع طهران ، بما يعني أن الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ، ينزع الذريعة من إسرائيل للجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران ..

و نتنياهو ، غاضب من سماح ترامب لمسؤول أميركي بلقاء القيادي في "حماس" خليل الحية في الدوحة الأحد ، بما أتاح إطلاق الأسير الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية إيدان ألكسندر ، بما يحمل ذلك من دلالات كبيرة على أن الديبلوماسية يمكن أن تنجح حيث تخفق القوة ..

و أشد ما يغضب نتنياهو ، هو عدم قدرته على التنفيس عن حالة الخنق الذي يشعر بها ، و لا يجد أحداً في الولايات المتحدة يلجأ إليه كي يضغط على ترامب كي يوقف مسلسل المفاجآت .. و لم يترك نتنياهو في الـ19 شهراً من عمر حروبه مناسبة و إلا أظهر فيها تكبره على الديموقراطيين ، و أظهر نكران جميل للرئيس السابق جو بايدن المفاخر بـ"صهيونيته" ، و هرع إلى إنقاذ إسرائيل من إخفاقها الكبير في 7 أكتوبر 2023 و حماها حتى خروجه من البيت الأبيض ..

و أخيراً ، وجد نتنياهو الحل في التصعيد بوجه ماكرون .. و ما تأكيده هذا إلًا على أن إسرائيل ماضية في إستعداداتها للهجوم الشامل على غزة و إعادة احتلال القطاع و حشر سكانه في مساحة أقل من ربع مساحته الإجمالية ، إلا لإيصال رسالة استياء غير مباشرة إلى ترامب .. و فى هذا نستدعى المثل الشعبي القائل " مقدرش على الحمار .. راح يشد فى البردعة " .