د.كمال يونس يكتب: الرمزية المسرحية..قراءة في مفهوم المصطلح عند ( د.إبراهيم حمادة ، د.أحمد بلخيري د.كمال يونس)


الرمزية المسرحية
الرمزية تفنن إبداعي ينتج فعلا( رمزا)ماديا أو معنويا ،دالا ومدلولا ،ايحائيا ، ما بين البساطة و العمق ، يخاطب الحواس والمشاعر ،منتجة مشاركة وجدانية محفزة لتفاعل الجمهور مستهدفا اهتمامه مؤداه انتباه يقظ تشوق توتر وتعلق وحرص على المتابعة وترقب نهاية العرض.
الرمز منه ما هو اتفاقي متعارف عليه كدلالة على معنى يدركه الغالبية ، أو استفزازي محفز للتفكيرالعميق جاذب للحواس يضمن يقظة المتفرج على العرض في حالة ذهنية يقظة لربط الرمز بعناصر الإبداع المسرحي الذي تتضمنه السينوغرافيا) فن تشكيل الصورة المسرحية بصوامتها ( الإضاءة ، الإظلام ، ،الديكور ، الإكسسوارات ، الأزياء) و نواطقها ( الأصوات -الحوار ، الأغاني ، الموسيقى التصويرية للعرض، المؤثرات الصوتية ) وحركاتها( أداء الممثلين للشخصيات ورمزيتها جسديا وحركيا ومظاهر الانفعالية )، أو المسموعات والمرئيات و الحركات، ويجب أن تكون الرموز مستخدمة دراميا بصورة منضبطة متآلفة دراميا ليس بينها تنافر بحيث لا تتزاحم في ذهن الجمهور تنفره أو تجعل ذهنه يسرح بعيدا عن العرض ومتابعته .
-الرمزية أساليب بلاغية فيها الكنايات أو الإسقاطات فرارا من المآخذات الرقابية بمختلف توجهاتها ( اجتماعية سياسية شعبية دينية ) .
-الرمزية فيها تحايل على ( التابو ) المحظور تناوله أو الخوض فيه عامة أو حسب عقيدة كل مجتمع، وهي وسيلة ل(كسر التابو) تيسر التناول والخوض في المحظور بحرفية ، وتشمل أيضا إسقاطا واعيا عما يخشى منه أو ما لا يجب الإفصاح عنه، منها ما هو متعارف عليه ولكن تتجدد الرموز وتتباين من عمل لعمل حسب طبيعته ،والبراعة في استحداثها وابتكار أشكال مختلفة بعيدا عن القوالب الرمزية المعروفة والمتفق عليها والتي يألفها الجمهور.
ولا يمكن حصرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أو عصور بعينها باختلاف الزمان والمكان ومضمون العرض وطبيعته، إلا على سبيل ضرب الأمثلة .
-الرمزية تحوي علامات (سيميائيات )علامات مشفرة تحفز الجمهور على استنباط المعنى والمغزى والدلالات وبالتالي تسهل وتيسر وصول الفكرة بطريقة مشوقة غير مباشرة وصولا لتفسير النص أو العرض (الهرمنيوطيقا) محققا أعلى درجة من التفاعل، نتيجة للمتعة الفنية والفكرية والجمالية في العرض.
الرمزية محملة على العناصر التكوينية والجمالية للعرض المسرحي تبدعها و تفسرها أحداث العرض ضمنيا لتجعل المشاهد يشعر بلذة التوصل للمغزى وفك شفرات الأحداث تدليلا على تفهمه وتفاعله وتوحده وتصديقه للعرض في أبهى صورة ذهنية.
* أورد معجم مصطلحات المسرحية عن الرمز والرمزية للأستاذ احمد بلخيري
استعمال مصطلح رمز يكون بصفة عامة في النقد الدرامي مع كل الالتباسات الخيالية ،وكل عنصر في المسرحية يرمز حقيقة الى شيء ما ، ويمكن دراسة السياقات المشهدية الرمزية مع اعتبار المسرحية مثل البلاغة :
الاستعارة: الاستعمال الأيقوني للرمز ،يمكن للون ما أو موسيقى معينة أن تستحضر جوا محددا.
الكناية: الاستعمال الشاهدي أو الإندكس ( Index ) أو المشير للعلامة ،شجرة تذكر بالغابة، أو مجازي النورس في المسرحية التي تحمل نفس الاسم ،لا تعود مطلقا مطلقا الى نينا ، إنها ترمز إلى البراءة المفقودة.
الرمزية حركة أدبية في نهاية القرن التاسع عشر قامت بتعميم معرفه الرمز ،وهناك كتاب منهم متر لينك البلجيكي 1848 -1962 )، وييتس الإيرلندي( 1848- 1965 ) ،
وإليوت الانجليزي 1888- 1965 اشتغلوا بالرموز من أجل ابتكار لغة تكتفي بذاتها وهاته الجمالية توجد مجددا فيما اسميهم الناقد برنار دور مؤلف كتاب قراءة بريشت العرض الرمزي .
*أورد معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية للدكتور إبراهيم حمادة
تسمى الرمزية في بعض الاحيان بالرومانسية الجديدة او التأثيرية او المثالية، ولقد نشأت الرمزية كحركة أدبية في فرنسا في ثمانينات القرن الماضي ، ثم زحفت إلى بعض أقطار أوروبا الغربية، وامتد عمرها إلى سنة 1920 تقريبا ، وتعتبر الرمزية رد فعل ضد مدرستي الواقعية والطبيعية، وكان رواد هذه الحركة شعراء غنائيين لا مسرحيين نذكر منهم بودلير، فرلين رامبو ، ميرال ،مالارميه، فقد أنكر هؤلاء على الواقعيين والطبيعيين إيمانهم بالعقل الواعي والظواهر الخارجية للواقع والطبيعة وبأن الحقيقة هي ما تستطيع أن تبرهن عليه الحواس الخمس او عمليات المنطق، لذا اعتقد الرمزيون في أن الحقيقة التي يسعى اليها خصومهم إنما تكمن في أعماق الاشياء وفي العقل وأن التعبير عنها يتم ينبغي ان يتم من خلال الرمزية الإيحاء والتلميح لأنها عوامل مثيرة للمعاني في ذهن مستهلك الأدب( والفنون ومنها المسرح)، كما أنها مولدة للمشاركة الوجدانية بين الأدب وقارئه ،ومن ثم كانت الرمزية في رأي كثير من القالب الجد الأعلى للسيريالية، ولا عجب إذن من أن يحفل الإنتاج الرمزي بالمجازات التمثيلية والصور البينية والتشبيهات والمعطيات والغياب والغيبيات المرمزة إلى الخ..، ومن ثم فإن الرمزية هي الإيحاء بموضوع معين من خلال الهيكل العام للعملية الفنية ، أما القول بأن وجود الفيل مثلا في المسرحية هو بديل الحاكم ، والثعلب مكان الوزير، والنعجة بديل الشعب ، فهذا يشير إلى الرمزية في أبسط صورها وأكثرها سذاجة.
موضعة الرمزية ترمي الى تجسيد أفكار مجردة ورؤيتها في وقائع وشخصيات بغية تفسير الحقيقة النفسية أوالخلقية، وقد تكون الوسيلة إلى هذا التجسيد مادة أسطورية او مادة واقعية كما في مسرحيه الاشباح لابسين (1881 ) .
ويعتمد المسرح الرمزي في أساسياته على عناصر الإخراج المختلفة من إضاءة وموسيقى وإيماءات حتى يمكنه خلق الطقس النفسي الذي يخلفه الشعر الغنائي الرمزي بالوصف وتكوين الصورة الموحية.
من المسرحيات الرمزية المتطفل 1890، والأعمى 1890 لموريس ميترلنك( 1862 1949 ) ومن كتاب الرمزية في المسرح هنريك إبسن ، وليم بنتر ييتس، إدموند سينج ، بول كلوديل، وبشر فارس مؤلف مسرحية جبهة الغيب سنة 1960 .