الثلاثاء 1 يوليو 2025 08:36 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

شبراوى خاطر يكتب: إعلان يثير عاصفة من غبار وخماسين المسؤولية الاجتماعية للشركات

الكاتب الكبير شبراوى خاطر
الكاتب الكبير شبراوى خاطر

يظن البعض أنه يعرف قصة الولد الذي قال لأبيه: يابا علمني الهيافة، فقال له (تعالى في الهايفة واتصدر)، هذا ما أثارته شركة لخدمات الاتصالات، لنشرها إعلان (متكلف)، ابتكرته (دماغ متكلفة)، ووافق عليه مسؤول تسويقي (أو مسؤولون) لم يخطر على بالهم أن الجو مشحون من الأساس بين (عنصري الأمة الكروية) إلى درجة أنه يمكن أن نطلق عليها (الفتنة الطائفية الكروية) وهذا لا غبار عليه، وموجود في معظم دول العالم وبصورة أكثر عنفاً، أو بشكل ما "العنف المتعقل".

وهذا الأمر، وإن جاز لنا أن نسميه "بالخطأ الكامن" ورد الفعل التلكيكي، قام بتضخيم الحدث، وعمل من الحبة قبة، وانهالت الشكاوى والاتهامات والتهديدات، باعتبار أن هذا الإعلان المصور يمثل إساءة مهينة لمشجعي نادي الزمالك المصري، لتصويرهم بشكل "مجنون"، وهو إعلان كما صرحت الشركة، مقصود به احتفالية حماسية للنادي الأهلي المصري - حتى قبل أن يضمن تتويجه بما هو قادم من مسابقات - والذي أدى إلى أن يتقدم نادي الزمالك بشكوى رسمية إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر ضد شركة الاتصالات والشركة المنتجة للإعلان. وهنا لدينا سؤال يطرح نفسه.. هل لدينا جهات رقابية لمراجعة ما يعرض من محتوى على الوسائل التقليدية أو الاليكترونية؟ أم أن الأمر متروك لصاحب الرسالة وعلى طريقة (اعمل.. وإذا أخطأت فاعتذر) وكفي الله المؤمنين شر القتال.

لماذا أهتم بتضييع وقتي ووقتكم بهذا المقال؟
لدي أسبابي وعلاتي.. أطرحها هنا على شركة الاتصالات المعنية بالمشكلة، والموضوع شديد الصلة بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) والتي أصبحت مجالاً ذا أهمية متزايدة للعديد من الشركات، والتي لم تكن مجرد موضة إدارية أو تلاعب بالعقول وذر الرماد في العيون، لأن مفهومها ذو قيمة، لما له من آثار حقيقية في عالم الأعمال.

إن "مبدأ المسؤولية العامة"، الذي ينص على أن على الشركات التعامل مع القضايا الاجتماعية التي تتأثر بالأنشطة التشغيلية الاعتيادية للشركة (والاتصالات التسويقية جزءاً منها بالطبع). تتضمن ثلاثة عناصر متمايزة منطقيًا: الالتزام الاجتماعي (مسؤولية الامتثال للقانون)، والمسؤولية الاجتماعية (التوافق مع المعايير والقيم والتوقعات المجتمعية السائدة)، والاستجابة الاجتماعية (وضع سياسات وبرامج وقدرات من شأنها الحد من الآثار السلبية للمطالب المجتمعية). لذا يُجمع الأكاديميون والخبراء عمومًا على أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تُمثل مجموعة من الإجراءات التي يبدو أنها تُعزز منفعة اجتماعية، وتتجاوز المصالح المالية الصريحة للشركة، ولا يُلزم بها القانون .

وبإيجاز، فإن تعريف المسؤولية الاجتماعية للشركات بأنها "مدى تلبية المنظمة لاحتياجات وتوقعات ومتطلبات جهات خارجية معينة تتجاوز تلك المرتبطة مباشرةً بمنتجات الشركة/أسواقها".

هذا من ناحية ما يعود على المجتمع من التزام الشركات، فماذا يعود على الشركات في المقابل؟

سواء كانت المسؤولية الاجتماعية للشركات أي، (نوايا الشركات وفلسفاتها والتزاماتها بالمشاركة الاجتماعية)، أو الاستجابة الاجتماعية للشركات (فعالية التعامل مع مخاوف أصحاب المصلحة في الأوقات الهادئة والعاصفة). علاوة على ذلك، ثبت أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تحقق فوائد مزدوجة - تنظيمية واجتماعية - وترتبط بالأداء المالي للشركات ويتفق العديد من الباحثين على أن المسؤولية الاجتماعية للشركات مفيدة ماليًا للمنظمة ويمكن أن تؤدي إلى أرباح أكبر أو دعم عام أكبر مما قد يعزز الأرباح بدوره، وبالإضافة إلى الفوائد المالية، هناك أيضًا أصول استراتيجية غير ملموسة مثل رأس مال السمعة، والتزام الموظفين ومدي ولائهم، بالإضافة إلى الموافقة والقبول بين الشركة وكافة أطياف المجتمع، ولما له آثار واضحة في المساعدة في التخفيف من نتائج التدفق الإعلامي السلبي.

من زمن ليس بعيداً، كانت لدينا أعراف ومواثيق أهملناها وضللنا الطريق تحت مظنة "حرية الإبداع"، في عصر هيمنة الصنايعية وفطريات مهنة الإعلام المتفشية.

أعانكم الله ...