الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب: حمي الترشح والترشيح ؟


أزعم أن أهم منصب في نظري هو ما حمل الطابع التشريعي أو التدبيري (تدبير المجال وتسييره)،لماذا ؟ لأنه المنصب الذي يضع خارطة طريق لكل نواحي الحياة ( سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وتعليمية.........الخ ).
أو يدبره وفق ما تقضي إليه الحاجه أو وفق القانون المنظم له !!
خارطة طريق مبنية علي أسس علمية تقف علي حقيقة الواقع ، وتستهدف المستقبل بتدابير مأمونة العواقب !!
إذا لا مكان للارتجالية أو لعدبمي الكفاءة في بناء تلك الاستراتيجيات !!
وعليه : فإن كل من يكلف بمثل هذه المناصب لابد أن تكون عنده شمولية في المعرفة ورؤية في التدبير وخبرة تؤهله لتحمل جسارة تلك المهمة بالغة الصعوبة !!؟
والمنصب وفق ما أشرت إليه سلفا ، يستحق أن يتباري فيه المتبارون ، وعليه يتنافس المتنافسون ، ولأجله تبرز صفوة الصفوة ، التي يناط بها إدارة الشأن العام تدبيرا للمجال وسنا للقوانين التي تضبطه وتؤطره. وذلك ـ لعمري ـ جهاد اجتماعي لا يقل بحال من الأحوال عن أي صورة من صور الجهاد !!
وتأسيسا علي ذلك ، يفترض فيمن يتقدم لنيل هذا المنصب أن يكون مُلِمًا بالخطط الإستراتيجية للتنمية المحلية، وأن يكون على دراية بواقع الناس، آلامهم وآمالهم، والعوائق التي تُكبِّل عوامل النمو والتطور، والقصور في الخطط التنموية في دائرته الانتخابية. حتى يتسنى له أن يبني برامجه الانتخابية على خطة أو خطط تنموية واضحة المعالم وبأهداف محدده لا تتسم بالهلامية في الطرح ولا بالزيف في وعود عرقوبية لا تفتأ أن يكذبها واقع ما بعد تقلد المنتخب، هذا المنصب أو ذاك الموقع .
كما يجب أن يكون المترشح أو المرشح على دراية وإلمام بالقوانين التشريعية ، إذ لا يُعقل أن تُوكل مهمة سن القوانين وتنقيحها أو الاعتراض عليها -إذا ما كانت معيبة بمخالفتها لروح الدستور ومقتضياته ، من عدمه ، فأحرى أن يكون المرشح على اطلاع بالقانون وتشعباته والدستور ومقتضياته.
وليس كل مثقف يصلح لسن القوانين ودراستها وتمحيصها، وليس كل وجيه اجتماعي يصلح لتلك المهمة. وقد ظهر عدم مراعاة تلك الأبعاد جليا في الضعف الكبير لأداء عدد ليس بقليل من النواب علي مستوي الجمهورية.
إن المتابع لإنتاج عدد من نواب الأزمنة البرلمانية ذات الإسم الرنان ( مجلس الدكتور رفعت المحجوب ) علي سبيل المثال لا الحصر ، ليجد تباين واضح علي صعيد نوعية الأعضاء ولغة المناقشة وأسلوب طلبات الإحاطة والأسئلة ، في قوتها وحجيتها ولغتها !!
إن حمى الترشحات والترشيحات التي نسمع عنها الآن،لتطرح سؤالاً هاما ، ألا وهو : هل سيبقى تدبير الشأن العام مفتوحا لكل طالب وجاهة وباحث عن حصانة . دون مرعاة الكفاءة العلمية صاحبة الاختصاص؟
لقد انتفخت أوداجي وتمعر وجهي، واشمأز قلبي ، وعيل صبري، وفاض الكيل مني ، لترديد أسماء معينة بصفات معينة لا تناسب المقام ولا الحال فأي دهماء أنكى من اعتبار تلك المناصب إرث قبلي وعائلي ، وأي غوغاء أردى من اختيار رجل لهذه المناصب علي خلفية مركزه المالي ، واي مروق فاضح اختيار مرشحين غير مؤهلين للمهمة التي سيكلفون بها ، وأي باسرة أطم من تغييب أصحاب الكفاءات عن المشهد الترشحي !!
نعم لا يوجد النائب الحجة في كل التخصصات ، لكن علي الأقل، يجب أن يكون حجة في باب من أبواب الصرح التشريعي ، وقادر علي الوقوف علي ثغرة من ثغرات العمل العام فلا يأتي الوطن من قبلها .
الفرصة سانحة للأحزاب بانتقاء مرشحيها علي أسس علمية تناسب المقام ، وعلي الشارع الانتخابي أن يحسن الاختيار باعتبار ذلك أمانة ستحسب له أو عليه .