الخميس 22 مايو 2025 08:33 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

المسرحي التونسي حامد محضاوي يكتب : أيها التجريب كم من الفظائع ترتكب باسمك...”كلّ من عطس في الخشبة صار رائدًا في التجريب!”

المسرحي التونسي حامد محضاوي
المسرحي التونسي حامد محضاوي

في هذا الاستسهال المسرحي العربي، لا تحتاج إلى أكثر من كسر كرسي، أو خلع حذاء الممثل في منتصف العرض، او العطس على الخشبة لتصبح رائدا من روّاد التجريب.
يكفي أن تُطفئ الأضواء قبل السلام الأخير، أو أن تصرخ في وجه الجمهور فجأة، حتى تنهال عليك شهادات "الإمتياز" من كلّ حدب وصوب: "الله! تجربة جريئة!"

لكن لا أحد يسأل: تجريب في ماذا؟ ولماذا؟
هل نحن أمام فعل مدروس يزعزع البنية المسرحيّة التقليديّة؟ أم أمام نزوة إخراجيّة تمّت لأنّ المخرج استيقظ بمزاج "مغاير"؟
صار يكفي أن يخلط أحدهم البكاء بالموسيقى الإلكترونيّة فوق الخشبة، ليُقال: "إنّه الخلق، الدمعة ترتّل نصّها"

هؤلاء "المجربون"، لا علاقة لهم بالمدرسة التجريبيّة سوى أنّهم سمعوا الكلمة في ندوة ما، أو رأوها في عنوان دراسة ما.
لكنّهم مع ذلك يصرّون أنّ ما قاموا به هو "تفكيك للموروث"، و"تفجير للفضاء الدرامي"، في حين أن ما فُجّر فعلًا هو منطق المسرح نفسه.

في العالم، التجريب يحتاج إلى رؤية، أدوات، ووعي جمالي وفلسفي.
أمّا عندنا، فالتجريب أصبح تعلّة تُخفي العجز، وشعارًا لتبرير الفراغ، وزينة تعلّقها العروض فوق أجسادها الهزيلة.
لا يكفي أن تضع ممثّلاً يزحف على أربع وهو يتلو مقاطع من النشيد الوطني بالمقلوب لتكون مجدّدًا. ولا أن تصمت ساعة كاملة ثم تقول إنّك أردت مساءلة "عنف الصوت" في الفضاء السمعي.

التجريب ليس موضة. وليس لعبة كلاميّة في الندوات.
هو اشتغال معرفي وجمالي متكامل، لا يُختزل في موقف استعراضي على الخشبة.
المدرسة التجريبيّة ليست عبثا مؤقّتا، بل خيارٌ قاسٍ، مسكونٌ بأسئلة الكسر والتجاوز، لا بالتصفيق السريع.

لكن لا بأس.
دعهم يُراكمون تجاربهم العظيمة في عروض المهرجانات.
ولنا كمتفرّجين أن نضحك...

9b83bbb87fb9.jpg
المسرحي التونسي حامد محضاوي مقالات المسرحي التونسي حامد محضاوي أيها التجريب كم من الفظائع ترتكب باسمك الجارديان المصرية