د .مندور عبد السلام فتح الله يكتب: البوكليت وبدائل التطوير


تخيلوا كابوسًا يطارد أحلام طلابنا: امتحانات تحولت إلى سجن من الدوائر المظللة، حيث الغش يزداد، الإبداع يُقتل، والقلق ينهش عقول الشباب. هذا هو نظام البوكليت، الذي رُوج له كـ"ثورة تعليمية" في امتحانات الشهادات الإعدادية والثانوية العامة في مصر، لكنه أصبح قيدًا يكبل التعليم ويسرق مستقبل أبنائنا. بدلًا من مكافحة الغش، فتح البوكليت أبواب التسريبات، وبدلًا من تعزيز التعلم، حوّل المدارس إلى مصانع حفظ. لكن الأمل موجود! يمكننا إنقاذ التعليم ببدائل ورقية بسيطة وعملية، مستوحاة من أفضل الأنظمة العالمية، تعتمد على الورقة والقلم وتُجرى في نهاية العام أو الترم. في هذه المقالة، نكشف فشل البوكليت، نقترح سبعة بدائل تقويمية مع أمثلة أسئلة، ونستعرض تجربة ناجحة لنثبت أن التغيير ممكن، لندعو متخذي القرار إلى إلغاء هذا النظام الفاشل وفتح الطريق لتعليم يحترم عقول الطلاب. دعونا نبدأ بالحقيقة المرة: البوكليت لم يوقف الغش، بل جعله أسوأ. في 2023 و2024، انتشرت إجابات امتحانات الثانوية العامة على واتساب قبل الامتحانات، في تسريبات هي الأكبر في تاريخ مصر .. فالغش لم يعد مجرد خدعة طالب، بل أصبح "مافيا" منظمة تحل الأسئلة وتبيعها! البوكليت حوّل التعليم إلى كابوس حفظ، حيث يتسابق الطلاب لتظليل دوائر بدلًا من فهم دروسهم. المدارس أصبحت "معامل بوكليت" تهدر الوقت في تدريبات شكلية، والأسئلة النمطية تقضي على أي أمل في التفكير الإبداعي .تخيلوا: طلابنا يحفظون إجابات جاهزة بدلًا من أن يحلموا باختراع جديد أو حل مشكلة! الأزمات لا تنتهي هنا. في المنيا 2023، تأخرت كراسات البوكليت، فانتشر الذعر بين الطلاب. أخطاء الطباعة والأسئلة المبهمة أصبحت قاعدة، والدولة تدفع ملايين الجنيهات لهذا الفشل دون نتيجة نفسيًا، الطلاب ينهارون. دراسة أظهرت أن 70% من طلاب الثانوية عانوا من القلق والاكتئاب بسبب ضغط البوكليت.. إن تظليل الدوائر لساعات يرهق أيديهم ويحطم أعصابهم، خاصة لمن يفكرون ببطء. علميًا، البوكليت كارثة. تحليل تربوي وجد أن 90% من أسئلته تقيس الحفظ فقط، بينما المهارات الحقيقية مثل التحليل والإبداع غائبة، فالتصحيح فوضى، التظلمات ترتفع، والنماذج المختلفة تسبب أخطاء فادحة. الأسوأ أن البوكليت بعيد كل البعد عن المناهج، فالمعلم يشرح بطريقة والامتحان يجيب بأخرى، مما يهدر سنوات من محاولات إصلاح التعليم . لكننا لسنا عاجزين! العالم يقدم حلولًا ورقية بسيطة تناسبنا. أول بديل هو الاختبارات المفتوحة من فنلندا، حيث يكتب الطلاب إجابات تحليلية في نهاية العام. مثال سؤال: "قارن بين الطاقة الشمسية والنووية من حيث الفوائد والبيئة." هذا يشجع التفكير العميق ويصعب الغش لأن الإجابات متنوعة. ثانيًا؛ الاختبارات القائمة على الحلول الإبداعية من اليابان، حيث يُعطى الطلاب في نهاية الترم مشكلة مثل: "صمم تجربة لقياس سرعة تفاعل كيميائي بثلاث طرق." هذا ينمي الإبداع ويسمح بحلول متعددة. ثالثًا: الاختبارات القائمة على المحفظة الورقية من ألمانيا، حيث يجمع الطلاب أعمالًا (تقارير، رسوم بيانية) على مدار العام ويُقيَّمون عليها نهاية العام. مثال: "قدم تقريرًا عن دورة المياه مع رسم توضيحي." هذا يعكس الجهد الحقيقي. رابعًا: الاختبارات القائمة على التحدي من المملكة المتحدة، حيث يكتب الطلاب حلولًا لمشكلات واقعية في نهاية الترم، مثل: "اقترح خطة لتقليل تلوث النيل في قريتك." هذا يربط التعليم بالحياة. خامسًا: الاختبارات التكاملية من كندا، حيث تربط الأسئلة بين مواد. مثال: "اكتب تقريرًا عن الاحتباس الحراري مستخدمًا بيانات رياضية." تُجرى نهاية العام وتشجع التفكير الشامل. سادسًا: الاختبارات القائمة على السياق المحلي من نيوزيلندا، حيث تُصمم أسئلة مرتبطة بالواقع. مثال: "حلل تأثير سد النهضة على الزراعة المصرية." تُجرى نهاية الترم وتعزز الهوية. سابعًا: الاختبارات القائمة على التحليل النصي من أستراليا، حيث يحلل الطلاب نصوصًا علمية. مثال: "اقرأ مقالًا عن التغير المناخي وناقش حلولًا." تُجرى نهاية العام وتنمي التفكير النقدي، لنثبت أن هذه البدائل ممكنة، لننظر إلى دراسة حالة من الأردن. في 2019، استبدلت الأردن اختبارات الاختيار المتعدد باختبارات مفتوحة في المرحلة الثانوية. الطلاب كتبوا إجابات تحليلية مثل "اشرح كيف تؤثر إدارة الموارد المائية على الاقتصاد الأردني." نتيجة؟ تحسنت مهارات التفكير النقدي بنسبة 30%، وانخفض الغش بسبب تنوع الإجابات، رغم محدودية الموارد ، غإن مصر تستطيع تكرار هذا النجاح! يمكننا تطبيق الاختبارات المفتوحة في الإعدادية بنسبة 50% من الدرجة، والحلول الإبداعية في الثانوية بنسبة 40%. المحفظة الورقية تناسب المدارس التجريبية، بينما التحدي والتكاملية يمكن تجربتها في المدارس الحكومية بنسبة 30%. السياق المحلي والتحليل النصي يمكن دمجهما لتعزيز من من الهوية والتفكير. هذا يحتاج تدريب معلمين على صياغة أسئلة ذكية، مناهج تركز على المهارات، ورقابة صارمة لوقف الغش. البوكليت ليس مجرد فشل، بل حاجز يمنع طلابنا من التألق. بدائلنا الورقية، مع أسئلتها الذكية وتجربتها الناجحة، تقدم طريقًا لإنقاذ التعليم. حان الوقت لتحرير عقول أبنائنا من قيد البوكليت وبناء مستقبل يستحقونه.
# مدير مركز البحوث التربوية السابق