مدحت الشيخ يكتب : الطريق الإقليمي بالمنوفية... شريان حياة يتحول إلى فخ موت


إن أهمية الطريق الإقليمي لا يمكن إنكارها، فهو أحد الشرايين المرورية الحيوية التي تربط المحافظات وتخفف الضغط عن الطرق الداخلية، لكن ما يحدث عليه من حوادث دموية يُفقده الغاية التي أُنشئ من أجلها. حين يتحوّل طريق مفترض به أن يخدم التنمية إلى مصدر دائم للفواجع، فلابد من التوقف وإعادة النظر.
حوادث دامية... والإحصائيات لا تكذب
خلال شهر واحد فقط، شهد الطريق الإقليمي بالمنوفية 3 حوادث مروعة:
6 أبريل 2025: مصرع 5 أشخاص من أسرة واحدة في حادث تصادم بين سيارة نقل وأخرى سوزوكي.
18 أبريل 2025: وفاة شخص وإصابة 17 آخرين في انقلاب سيارة ربع نقل أعلى الطريق.
30 أبريل 2025: حادث تصادم بين سيارة نقل "جامبو" وأتوبيس يقل ركابًا، أسفر عن حالتي وفاة و16 مصابًا.
إجمالي الضحايا في أقل من 30 يومًا: 8 قتلى و33 مصابًا.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل وجوه غابت، وأسرٌ تحولت حياتها إلى مأساة، وعبء ثقيل يطحن أعصاب المنوفية وأحلام سكانها.
بين الإهمال والمحاسبة الغائبة
نحن لا نواجه مجرد "حادث سير"، بل نتحدث عن سلسلة من المآسي اليومية، والمحصلة في النهاية أرواح تُزهق، وأسر تتفكك، واقتصاد يُستنزف.
الغريب أن هذه الحوادث لم تعد تثير الدهشة، وكأنها باتت جزءًا من "الاعتياد المؤلم" الذي يتقبله المجتمع في صمت.
أين المحاسبة؟ من يُسأل عن هندسة طريق يتحوّل إلى مصيدة في كل منعطف؟ من يتحمل مسؤولية عدم تفعيل الرقابة؟ من يراجع التراخيص، ويتأكد من مدى صلاحية المركبات وسائقيها؟
وهل نبقى ننتظر البيان المعتاد: "جارٍ تحرير المحضر، والعرض على النيابة العامة"؟
الإعلام ودوره الغائب جزئيًا
من المؤسف أن تغطية الإعلام لتلك الحوادث في كثير من الأحيان لا تتجاوز حدود الخبر العاجل، دون الغوص في أسبابها، أو ممارسة الضغط من أجل التغيير.
هناك مسؤولية مجتمعية يجب أن يتبناها الإعلام؛ فدوره لا ينحصر في نقل المأساة بل في طرح الحلول، ومتابعة التنفيذ، ومساءلة الجهات المعنية.
صرخة إلى المسؤولين
رسالتنا واضحة: حياة المواطنين ليست هامشًا يمكن تجاهله. نحن لا نطلب معجزة، بل تطبيق القانون، وتطوير البنية التحتية، ومحاسبة المهملين، والرقابة الفعالة.
إن أرواح الأبرياء ليست أرقامًا في نشرات الأخبار، بل هي مسؤولية دولة ومجتمع كامل.
إلى متى؟
سؤال يصرخ به كل بيت فقد عزيزًا على هذا الطريق. وعلّ الإجابة تكون في فعل حقيقي، لا في تصريحات وقت الأزمات.