طارق محمد حسين يكتب : الحج شعائر ومناسك.


هلت علينا ايام مباركة هي من أعظم ايام الدنيا، يتقرب المسلم إلي الله فيها بصالح الأعمال، ومن يغنم فيها برحلة للحج لبيت الله الحرام هو الفائز الاكبر، فشعيرة الحج واحدة من أعظم شعائر الاسلام التي كتبها الله علي المسلمين، واحبها منهم ، وانتدبهم اليها ، فيها تغتفر كافة الذنوب ،وتهدم المعاصي والعيوب ، والحج شعار امة الاسلام والذي امتازت به ، فقد علم الله وهو علام الغيوب قصور عباده ومحبيه وزلاتهم ومعاصيهم ، فجعل لهم علي طريق سفرهم إليه محطات يلجئون إليها إذا ضلوا الطريق ، وطالت الرحلة وازدادت المخاوف والظنون، وإن من أعظم المحطات وأجل هذه الفيوضات حج بيت الله العتيق ، إذ به تمحي الذنوب ، وتغسل القلوب ، وينهدم بها سالف المعاصي وغابر الذنوب والآثام ، فالحج عبادة العمر، وفريضة الدهر، والحج نداء الجليل سبحانه وتعالى قال: ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) ، والحج امر النبي صلى الله عليه وسلم " أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد " ، والحجاج والعمار وفد الناس الي ملك الناس في كل عام ، وإن الله ليباهي ملائكته في سمائه بوفد الحجاج والعمار علي أرضه، وإن الله ينزل إلي السماء الدنيا في يوم عرفه فيباهي بهم ملائكته ،ويقول سبحانه وتعالى ( هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ، ولم يروني ، فكيف لو رأوني؟) ، إن الله يحب من عباده تلبية دعوته إياهم لزيارة بيته الحرام بلبيك اللهم لبيك ، فزيارة المحب لبيت الله الحرام هجرة إلي رب البيت ، مفارقا الأهل والمال والجاه والوطن ، وهاجرا الشهوات واللذات، وأن العبد المحب يخلص عزمه لوجه الله سبحانه و تعالى، بعيدا عن شوائب الرياء والسمعة، وان يتحلل من جملة ذنوبه والمعاصي ، قبل التحلل من الثياب ، ويتوب الي الله توبة نصوحا ، مكثرا من الاستغفار، وأنه عند الطواف بالبيت الحرام يكون متشبها بالملائكة المقربين الحافين حول عرش الرحمن، وأن الطواف الشريف هو طواف القلب بحضرة الربوبية وهو عبادة للذكر والتقرب إلى الله، وأما السعي بين الصفا والمروة تخليدا لذكري سيدنا إبراهيم وزوجته السيدة هاجر وتشريفا لهما ، وهو تذكير للعبد في تردده بين كفتي الميزان يوم القيامة ، اما الوقوف بعرفه وهو الركن الاعظم بالحج فيذكر بيوم الحشر ، من ازدحام البشر وارتفاع الأصوات واختلاف اللغات ، واجتماع الأمم مع الانبياء وكل أمة ترجو شفاعة نبيهم ، فإن الحاج يلزم قلبه بالضراعة والابتهال والدعاء إلي الله ان يكون من زمرة الفائزين المرحومين، وأما رمي الجمرات فإنه انقياد للأمر وتشبه بسيدنا ابراهيم عليه السلام ، ويعلم أنه برمي الحصوات إنما يرمي بها وجه الشيطان ، وأما ذبح الهدي فهو تقرب من العبد الي الله بحكم الامتثال ، ويرجو أن يعتق الله بكل جزء من الهدي جزء منه من النار ، وهكذا إذا انتهي الحاج من كافة المناسك والشعائر، فإنه يعود ويلتزم طريق الطاعة وتجنب المعاصي ، وهكذا يتم الحاج ركنا من أركان الإسلام وفرضا من فروضه علي كل قادر مستطيع ، رزقني الله وإياكم حج بيته المعظم .