الأحد 22 يونيو 2025 08:40 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

شبراوى خاطر يكتب : أسطورة ”هيدرا ليرنا” تتجسد في رؤوس الفساد

الكاتب الكبير شبراوى خاطر
الكاتب الكبير شبراوى خاطر

هل سمعتم عن أسطورة "هيدرا ليرنا" اليونانية والرومانية؟

إليكم حكايتها:
أن "هيدرا ليرنا" حسب الأسطورة القديمة هي وحش بحيرة أفعواني. كان وكرها في بحيرة "ليرنا" في أرجوليد باليونان، وكان يُشاع أن "بحيرة ليرنا" تعتبر مدخل إلى العالم السفلي، وحسب أسطورة "هيدرا" الكنسية، قُتل هذا الوحش على يد "هرقل"، وكان لها نَفَس ودم سامان للغاية لدرجة أن رائحة أنفاسها كانت مميتة.

امتلكت "الهيدرا" العديد من الرؤوس، تقول بعض المصادر أن لها ستة رؤوس والبعض الآخر يقول أن لها خمسون رأساً وتتميز بالتجديد المضاعف عند قطع أي رأس من رؤوسها، فمقابل كل رأس مقطوع، تنمو للهيدرا رأسان مرة أخرى. مما أضطر "هرقل" أن يطلب مساعدة ابن أخيه "إيولاوس" لقطع جميع رؤوس الوحش وحرق الرقبة باستخدام السيف والنار.

هذا عن الأسطورة، فما أشبه "الهيدرا" ورؤوسها المتجددة مهما قطّعت برؤوس الفساد، أو "هيدرا الفساد"، ليس في بلادنا وحدها، بل في معظم دول العالم. وإذا كانت الأسطورة تتحدث عن "هيدرا" واحدة، وتكفّل "هرقل" وابن أخيه بقتلها، فكم هرقل نحتاج لكي نواجه هذا الكم من رؤوس الفساد، فكل رأس للفساد يتم قطعها، ينبت أكثر من رأس غيرها.
ومعظم الناس يواجهون أشكال وأنواع من الفساد في كل وقت وكل مكان، وبمجرد الخروج من البيت، يواجههم شكل من أشكال الفساد، ويرونه في سائس سيارات إجباري في الشوارع، في محل بقالة لا يرد الباقي، في إشغال رصيف مخصص للمارة، في دواء منخفض المادة الفعالة، في كيلو أرز ٨٠٠ جرام، في أسعار سيارات مبالغ فيها، من غش علني في البنزين، من إضاءة أعمدة الشوارع في وضح النهار وإنطفائها في وقت الظلام، في تجاهل عشوائية التكاتك في كل مكان، من رشاوى متعددة الأشكال والأحجام، الفساد في مصانع متوقفة عن العمل، ومزارع مهملة، وأصول متهالكة، ومراكز وظيفية وُسّدت لغير أهلها، وفساد في منظومة تعليمية لم تجد من يضبطها، ووزارات تدار من اوكار وطاويط صغار الموظفين،
انواع من الفساد لا يستطيع أي رئيس دولة او رئيس وزراء مهما بلغت درجة أمانته وقوته أن يسيطر عليها.

وحسب موقع "الجزيرة" الأخباري:
لا تزال المنطقة العربية تعاني من الفساد المتجذر في أنحائها، ولم تحقق سوى تقدم ضئيل على مدى العقد الماضي، بحسب مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية في شهر فبراير ٢٠٢٥.

والمدهش أن هذا "تقرير الجزيرة" لم يذكر مصر لا بالخير ولا بالشر. فقط كأن مصر خالصة من كل سوء، أو ملطخة بكل سوء وفي الحالتين خارج المقارنة من الأساس.

ويصنف مؤشر مدركات الفساد 180 بلدا وإقليما من خلال مستوياتها المدركة لفساد القطاع العام على مقياس من صفر (شديد الفساد) إلى 100 (شديد النزاهة).

ويقول التقرير إن تركز السلطة في أيدي القادة الاستبداديين أدى إلى تعزيز الفساد الممنهج في مختلف ممارسات الحكومة.

أما متوسط الدول العربية، فقد انخفض هذا العام إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وهو 34، حيث سجلت ليبيا (13) وسوريا (12) أسوأ الدرجات. وشهد لبنان (22) أكبر انخفاض، حيث نقصت درجته 6 نقاط منذ عام 2019.

في المقابل، تصدرت الإمارات (68) ثم قطر (59) والسعودية (59) أعلى الدرجات. وسجلت تحسنات ملحوظة في البحرين (53) بزيادة 17 نقطة من 36 في عام 2017، والكويت (46) بزيادة 7 نقاط من 39.

وعزت المنظمة التحسن الملحوظ والدرجات المرتفعة نسبيا في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى البدء بتجربة الاستثمار في الحلول التكنولوجية للإدارة العامة والمعروفة باسم الحوكمة الإلكترونية، مشيرة إلى أنها تعالج الممارسات الفاسدة مثل الرشوة من خلال إزالة الوسطاء.

أما على الصعيد الدولي، حذرت منظمة الشفافية الدولية من أن مستويات الفساد العالمية لا تزال مرتفعة بشكل مثير للقلق، مع تعثر الجهود المبذولة للحد منها.

وقالت المنظمة إن ما يقرب من 6.8 مليارات شخص يعيشون في بلدان تقل درجاتها على مؤشر مدركات الفساد عن 50 درجة، وهو ما يعادل 85% من سكان العالم البالغ عددهم 8 مليارات نسمة.

وبحسب التقرير، حصلت الدانمارك، للسنة السابعة على التوالي، على أعلى درجة على المؤشر وهي 90، تليها فنلندا بـ88، وسنغافورة بـ84.

وتعليقا على مؤشر مدركات الفساد، قال فرانسوا فاليريان، رئيس منظمة الشفافية الدولية، إن الفساد يشكل تهديدا عالميا متطورا لا يقتصر على تقويض التنمية فحسب، بل يعد سببا رئيسيا في تراجع الديمقراطية وعدم الاستقرار.

ودعا المجتمع الدولي وكل بلد على حدة إلى جعل معالجة الفساد أولوية قصوى وطويلة الأمد، مؤكدا أن "هذا أمر بالغ الأهمية لمقاومة الاستبداد وضمان عالم سلمي وحر ومستدام".

والشاهد من هذا التقرير أن وحش الفساد منتشر في معظم دول العالم، والقليل منهم لديه نسخة من "هرقل" بسيفه الناري يقطع رؤوس هذا الوحش، والباقي منهم لا يزال قليل الحيلة، تاركاً تلك الأفعى متعددة الرؤوس تبث سمومها كيفما شاءت بلا رادع.

شبراوى خاطر أسطورة ”هيدرا ليرنا” تتجسد في رؤوس الفساد الجارديان المصرية