الإثنين 2 يونيو 2025 03:46 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خواطر

د. محمد السيد السكى يكتب : كنز ثمين ام مغالاة !

د. محمد السيد السكى
د. محمد السيد السكى

لغط مشوّه المعالم يصيب ناصية فكر البعض و يسرع متجولا في باحات الذهن الضيق كالفأرة الفاسق التي لا يسعفها بصرها فتلتزم الجري بمحازاة الحائط ولكنها لاتسلم من تهمة الصقتها بها بعض الادبيات الدينية المكذوبة باعتبارها حاولت تخريب فلك نوح العظيم او لعلها سببا في اضرام النيران في البيوت..
لم تحاول الفأرة الدفاع عن نفسها وظلت مثلها كمثل البرص المتهم بأنه كان يأجج النيران ليحرق ابراهيم الخليل..
مخلوقات غير ناطقة آثرت الصمت وقبول الظلم لأن ذهنك الراشد جعله الله لسانها ولكن للأسف لم يقم عقلك بوظيفته و صار هو أيضا ابكما اصما اعمى لايفقه..
فكر توارت أنفاسه تحت تراب اخذ ينهال يوما بعد يوم ماحيا صورة الفهم السليم للاشياء..

يتوهم البعض التزامه بنهج النبوة وانها يقتدي بافعال النبي محمد ووصايه و يسرع في كل موقف متبرأ من تهمة مخالفة السنة..
جميل درب الاقتداء ذلك و سديد مسلكه ولكنه غالبا ما يفتقد لرجاحة ميزان تقييم الأشياء بميزان ذهب حساس..
فليس كل مانقل لك باعتباره سنة النبي محمد هو بقوله فلربما كان افتراء وليس كل ماسكت عنه النبي محمد عليه الصلاة و السلام هو ليس بباب للقرب من الله..

يقول البعض ان اضفاء شيوخ الصوفية الصبغة العددية للاذكار هو نوع من التنطع والمغالاة وان ذلك بعيدا عن نهج النبوة..
فهم يقولون ان النبي امر بالتسبيح لله ولكنه لم يجعل ذلك بعدد معين شأنه كجميع الأذكار..
وهنا يستوقفني ذلك متسائلا عن الجدوى من الذكر وهل هو استحضار جلال الله ام ان لتلك الألفاظ تأثير طاقي للكون فنصبح امام مفهوم جديد بعنوان فيزياء الذكر ومنطقه وهنا استحضار مقالا كتبته عن ذلك إذ اقول في جزء فيه :

لا يتعارض المنطق السليم مطلقا مع إمكانية تمتع النص القرآني بنظمه العجيب المقدس بخاصية تحدث رنينا مع تردد احساس القلب المؤمن و منظومة الكون من خلال ترددات الفاظه فتستجيب له دقائق الكون بالتسخير والطاعة..
فتركض ببركته وفيزياء كم الفاظه المحكمة طاقات الوجود متسارعة الي خلايا الجسد المنهك فيستريح والمريض يبرأ ..
أن الذين يفقدون احداث موازنة بين الطبيعة وما وراءها ويغضون الطرف عن مجربات قام بها الصالحون علي مدى التاريخ واثبتت صحتها لهم مخطئون وسيبقون اسرى في شرنقة الحياة وسرنمتها!
يحضرني كلام المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس عن المؤمن المخلص وقدرته على تحريك الحجر والجبل اذا ما كان مؤمنا حقا..
و يحضرني مانقله أيضا الكتاب المقدس عن ضرورة تثمين الأشياء وعدم إلقاء الجواهر للخنازير..
لا توجد قطيعة بين ما استودعه الله في النص القرآني من مقدرة على اختراق عالم الطاقة والانسجام مع قوانينها وبين العلم وقواعد تحققه وثبوته..
فالعلم يتميز بالشمولية وإمكانية التطبيق اذا ماتحققت ظروف التجربة...
حقق توليفة الإيمان في قلبك وسترى سحر الألفاظ وتعرف مدى تأثير ترددها وانسجامه مع طاقات الكون..
لم يكن اهل الله وخاصته بالكاذبين عندما يحدثونك عن عوالمهم الخاصة في معية الخالق البارئ..
داوم على ذكر الله ترى بعينك استجابة الكون لحمد ربك وتسبيحه..
لم يكن الشيخ إبراهيم التازي بصلاته النارية على النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه بعددها المعين بالذي يخدع الناس ويوهمهم بفضلها الذي جربته العشرات والعشرات من بعده..
يحضرني هنا حديث مولانا الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي عن أهل الله وانواعهم و مراتبهم إذ يقول :

"ولأهل الأنفاس مراتب من حيث النظر إلى الذات العلِيَّة، وتختلف حظوظهم باختلاف مراتبهم؛ فمنهم مَنْ حظه من النظر لذة عقلية، ومنهم مَنْ حظه من ذلك لذة نفسية، ومنهم مَنْ حظه من ذلك لذة حسية، ومنهم مَنْ حظه من ذلك لذة خيالية، وهكذا، ثم تُخلع عليهم خلع إلهية، أورثها النظر إليه — سبحانه، ثم يُفاض عليهم من نور الربوبية ما يُكسبهم البهاء والجلال..".

سيظل اهل المادة بمناى عن ركب طاقة الكون الخفية، وسترى صيحات هؤلاء الذين تجد جلودهم متهيجة من ذكر الدين و علامات تجلي الخالق اللطيف..

استحضار جلال الله و ديمومة مراقبته والخوف منه لاينفي ان لذكر الله حضور ومشهد تتسارع للفوز بحضرته دقائق الاكوان وصور الطاقة المختلفة..
الم تعلم أن السموات والأرض قيل لها اتيا طوعا او كرها فقالتا اتينا طائعين..
الم تنظر إلى الجبال الذاكرة مع داوود او الوحوش المطاردة لنغم ترانيمه الجميل..
لا الوم عليك فقد لا تدرك كيفية حدوث الرنين الذي يحدث عندما يقترب الطائر من مسافة معينة من سليمان الحكيم او انك لم ترفض ان الجن يسترق السمع فيدرك منطق من يعلوه في ابعاد الزمكان وتموضع اهتزاز الحقيقة والخيال..

لقد امتلا القرآن وامتلات الاحاديث باشارات كثيرة توضح العلاقة بين اللفظ والعدد بل وكيف ان للعدد سرر يهتز له الكون ويمنح للحرف سحرا وتأثيرا..
ولو تأملت قول الله "ولو استغفرت لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"
وجعله سبحانه ملائكة النار تسعة عشر و عدد شهور السنة أثنى عشر.... الخ كل يشير للعلاقة الوطيدة بين العدد وتميزه ..

بعيدا عن ترهات المتنطعين او ضحكات المتشككين فلقد أدرك شيوخ الصوفية اسرار الذكر بعدد معين وهم في ذلك يقتدون أثر الاقدمين الذين صدعوا بعلم الحرف وحساب الجمّل..

لا يقول لك اهل التصوف ان تغالي و تذكر الله بإعداد مهولة تشق عليك ولكنهم يقولون لك الغاوي يلزم الطريق وسيري النتيجة وهكذا صار علمهم باسم المجربات التي تأخذ ملمح التوثيق من خلال إعادة التجربة وثبوتها عند الآلاف..

اقرأ الإخلاص احد عشر مرة صباحا ومساء واستنشق ربيع الخلاص ولا تتخدث بلسان المهزوز..

سلام على من لزم قراءة سورة يس بعددها الذي اخذناه بالتواتر و اشتهر باسم عدية يس..
اللهم بحق النبي محمد وبحق نبيك موسى ابراهيم سخر لي قلوب من احوجتني اليه واجعلني في كل أمر وشدة غالبا..
ألزم سر سورة الصافات وستعرف كيف يغادر عمّار البيوت دارك..
اقرأ سورة طه وستعرف كيف تضع رجلك بثبات على الأرض ولا تخشى غير الله المنان الذي اكرم كليمه موسى وجعله وجيها واصطفاه برسالاته وبكلامه وقال له "خذ مااتيتك وكن من الشاكرين"..

لم يكن مولانا الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي بالمهرطق او الدجال عندما وزع أوراق فتوحاته المكية على سطح الكعبة وعاد اليها بعد عام فوجدها كما كانت..

ولم يكن ابن عربي بالمجنون الذي عشق قراءة سورة يس فاطلعه الله على سرها العظيم..

لا نقول لك تنطع وكن مغاليا ولكن إذا أردت الكنز الثمين فاقتد باهل الدليل..

واذا اردت فهم مقصدي فدلني لماذا اوصاك النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام بالصيام في الأيام البيض..
ستقول انا مكلف ان افعل وغير مهم ان اعرف السبب وحينها سأقول لك : اسأل اهل السحر والتنجيم وستعرف السبب..

صلاة الله وسلامه على النبي محمد و على أنبيائه موسى وإبراهيم..

د. محمد السيد السكى كنز ثمين ام مغالاة الجارديان المصرية