الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : العيد بين التهليل والتكبير والترويح !!


دائما ما يأتي العيد مبهج ، مبهر الألوان ، معطر الأجواء بالذكر والتكبير ، تصطخب أركانه بالتقرب الي الله من ذبح وود وتزاور وتراحم وتحاور وتسامح ومودة ورحمه .
ومن يمن الطالع أن يكون لهذا العيد عندي (شخصياً)من مكانة خاصة ، لأنه جاء في وقت مثالي ،وقت ولا أروع بالنسبة لأسرتي التي تستعد ثاني أيامه لحفل حناء ابنتي الحبيبة حبيبة ، ورابع أيامه سيكون ـ أن شاء الله يوم زفافها، فمن الله علينا أن يجمع لنا الأعياد في وقت واحد . ..جعل الله كل ايامكم أعياد!
ويوم العيد أحد أيام الله التي خصصها لعباده المؤمنين للفرح بها واستشعار النعم الكثيرة التي أنعم عليهم بها، وهو كذلك فرصة لتذكر الأيتام والمرضى والفقراء والمساكين والإحسان إليهم ، كما أنه موعد لصلة الأرحام وتجديد المودة والرحمة بين أبناء المجتمع المسلم.
والعيد في الإسلام ينفرد بما يضفي عليه من سمات العلو والسمو لأنه يوم شكر وعبادة وتهليل وتكبير وود ومحبة ،
و تأصيل وتجديد للصلات الإجتماعية واعلاء قيم التواصل والإخاء والتعاون والمحبة ، فهو مناسبة اجتماعية تناسب كون الإسلام دين الجماعة ، وهو فرصة لتقوية الصلات الأسرية والإجتماعية بالصلح بين المتخاصمين والصفح بين المتقاطعين .
ألا ما أجمله من يوم تصهر فيه الخلافات بين البشر ، وتمحق فيه التجاوزات واللمم الاجتماعي الذي ينشأ بين الناس بعضهم بعض !
الشكر والحمد لله أن أوجد لنا العيد ليفلتر لنا أعمالنا من خروجها عن حد الاعتدال ، إلي الشطط والتطرف ! فنقابل من أسأنا إليهم ، فنجدهم يصبوا علينا فيض كرمهم وتسامحهم وغفرانهم ، فنتعرض سويا لرحمة الله ومغفرته .
ألا ما أنقاه من يوم جميل ، تكسوا الأنفس طهارة داخلية قلما تلبس الأجساد في غير هذه الأيام الطاهره ــ إلا من رحم ربي ـــ ، الجميع يلبسون الجديد الطاهر ، ويتحلون بالفضائل ومكارم الأخلاق ، فلا مجال يومئذ للرياء والاضغان والأحقاد ، وإنما تواصل وتعاطف وتحاب وتواد . يصلون الأرحام ويعطفون علي الفقراء والأيتام ، فتعم الفرحة جميع القلوب فلا مجال للحزن والأسي ، أو الحاجة والحرمان ، بل تسود الفضائل والمكرمات .
والعيد ليس تزمتا أو كبتا ، كما أنه ليس للخروج علي قيم الإسلام وآدابه ، فديننا الحنيف أكد علي ترويح النفس بما احل الله، دون تجاوز لحدود الله أو تعد علي حق من الحقوق .
كلما أهل علينا عيد الأضحي وجهنا مشاعرنا وأبصارنا إلي الأماكن المقدسة ، نستلهم العبر ونعيش الأجواء ، ونتذكر الأحداث ، نتذكر خليل الله إبراهيم عليه السلام الذي امتحنه الله بما لا يمتحن به إلا النبيون ، واختبره فيما يمس إبنه ، ثمرة فؤاده ،وشغاف قلبه ، فاستسلم لأمر الله ، ولم يتخل عن الأمل في رحمته - سبحانه - عنئذ تولي الله أمره ، وأكرم أمله ، وجزاه إحسانا لإحسانه : " إن إبراهيم كان أمة فانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، شاكرا لأنعمه إجتباه وهداه إلي صراط مستقيم ، وءاتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الأخرة لمن الصالحين "سورة النحل ١٢٢
كان إبراهيم إماما جامعا للخير ، وكان حنيفا ثابتا علي الحق ،وكان قانتا مطيعا لربه ،" إذ قال له ربه أسلم ، قال أسلمت لرب العالمين" سورة البقرة ١٣١.
من أجل هذا أمرنا أن نتبع إبراهيم ، وأن نتراءي عظمة الإمامة فيه ، ونلتمس سمت القنوت والطاعة لديه - عليه السلام - : " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" سورة النحل ١٢٤.
إن يوم الحج الأكبر يوم أغر ينبغي أن نتذكر فيه أن رحمة الله ونعمته لا تتنزل إلا لطاعته ، وأنه كلما أخلص الناس في الطاعة والسعي لها كانت جائزتهم من ربهم أكبر وأرضي، وأعظم ،قال الله - تعالي- :" فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءابائكم أو أشد ذكرا ".
إن هذا اليوم يوم تحقق فيه وعد الله ؛ من هنا كان عيدا.
إنه يوم بشر الله المسلمين فيه بتمام النعمة وكمال الدين ، فلم يدع لنا حاجة إلي شرع آخر ولا صلاحا فيما عدا دين الله ، قال تعالي :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "( سورة المائدة ٤.)
إننا في هذا اليوم الكريم نستمسك بأهداب الأمل ، إيمانا بوعد الله في حفظ هذا الدين ، وحفظ البلد التي حفظت الدين ، وما زالت باقية علي حفظه بأزهرها الشامخ السامق التليد بأن يجمع لها كل أسباب القوة والمنعة والحفظ من تطلعات الصهاينة ومخططات الأعداء علي اختلاف جنسياتهم وبقائها وافرة الإيمان ، قوية اليقين ، باقية علي الحق حتي يأتي وعد الله .
وسيكون العيد محوطا بالسرور مشبعا بالحبور لو أنه تميز بطابع الأمة الإجتماعي وقيمها الذاتية الإسلامية ، لو انشغل كل إنسان بنفسه وأسرته ، لو كان كل راعا متابعا وملما بما تفعله رعيته ، ضابطاً لتصرفاتهم محدا لخروقاتهم من استخدام الألعاب النارية والإلكترونية ,!!
اجعلوا يومكم للتكبير والتهليل والتسبيح ، ولا تجعلوه للتهريج ، فإذا افضتم من عيدكم لا تنسوا حضور حفل حنة ابنتي مقدمين التهاني والنقوط .
الله أسأل أن يديم علينا أضحانا سنوات عديدة وأزمنة مديدة ونحن علي طاعة الله .