شبراوى خاطر يكتب : عودة إلى المسئولية الأخلاقية لقدماء المصريين،


كانت لنا حضارة استهدفت بناء شعب يتصف بالكفاية والأمانة لكي يقوم على أكتافه بناء العصر الجديد الذي تسوده العدالة الأجتماعية.
إنها حضارة كانت تؤمن بالحساب في العالم الآخر، كما كانت حضارة تؤمن بمبادئ تصل إلى حد "الشرائع والاوامر النافذة" والتي لم تخلو منها أي ديانة سماوية، وخلال سعيها الدؤوب على مدى العصور، كان هذا الشعب دائماً ما يبحث عن الملك المخلّص الذي يعمل على نشر المثل العليا للحياة الاجتماعية وحمايتها، وتشير الآثار المتروكة، أن آمال المجتمع آنذاك كانت تنتظر ظهور هذا الملك العادل المخلّص، وتطالب بأيجاد وبناء جيل جديد من الموظفين والمواطنين العدول. (أليس هذا ما نبحث عنه ونسعى إليه ونأمل في تحقيقه اليوم)، ولكي يتحقق ذلك الأمل، ومن خلال سعينا "لبناء الإنسان المصري" أعود بكم لمبادئ أخلاق المصري القديم جداً، وأذكر منها الإثنا وأربعون فضيلة التي كان يُنتظر أن يُحاسب عليها من ينتقل للعالم الآخر كما تذكر الآثار التي وُجدت حتى الآن.
١- إني لم أرتكب ضد الناس أي خطيئة.
٢- إني لم آت سوءاً في مكان الحق
٣- وإني لم أعرف أية خطيئة.
٤- وإني لم أرتكب أي شئ خبيث
٥- وإني لم أفعل ما يمقته الإله
٥- وإني لم أترك أحداً يتضوّر جوعاً
٦- ولم أتسبب في بكاء أي إنسان
٧- إني لم أرتكب القتل.
٨- ولم آمر بالقتل.
٩- إني لم أسبب تعسا لأي إنسان
١٠- إني لم أُنقص طعاما في المعابد.
١١- إني لم أرتكب الزنا.
١٢- إني لم أُخسر مكيال الحبوب.
١٣- إني لم أُنقص المقياس.
١٤- إني لم أُنقص مقياس الأرض
١٥- إني لم أُثقل وزن الموازين
١٦- إني لم أحوّل لسان كفتي الميزان
١٧- إني لم أغتصب لبناً من فم الطفل
١٨- إني لم أطرد الماشية من مرعاها.
١٩- إني لم أمنع المياه عن أوقاتها
٢٠- إني لم أضع سداً للمياه الجارية.
٢١- إني لم أتلصّص.
٢٢- إني لم أسرق أمرءاً ينتحب على متاعه.
٢٣- لم تكن ثروتي عظيمة إلا من ملكي الخاص.
٢٤- إني لم أغتصب طعاما
٢٥- إني لم أزكِّ الشجار
٢٦- إني لم أنطق كذباً.
٢٧- إني لم أضع الكذب مكان الصدق،
٢٨- لم أكن طماعاً
٢٩- لم يكن قلبي متسرعاً.
٣٠- إني لم أضاعف الكلمات عند التحدث.
٣١- لم يكن صوتي عالياً فوق ما يجب
٣٢- لم تأخذني حدة الغضب
٣٣- إني لم أسبّ
٣٤- لم أكن متسمّعاً.
٣٥- لم أكن متكبّراً
٣٦- لم أرتكب ما يدنّس عرضي.
٣٧- لم أعب في الذات الملكية.
٣٨- إني لم أسبّ الإله
٣٩- لم أُنقص قربان الإله
٤٠- لم أتصيد من بحيرات الغير
٤١- لم أستول على قطعان هبات المعبد
٤٢- لم اتدخل مع الإله في دخله.
كانت هذه بنود افتراضية لاعترافات الموتى عند الحساب أمام قضاة الآخرة البالغ عددهم إثنان وأربعون بالإضافة إلى أوزوريس. اردت ان اسردها اولاً لكي يتدبرها عقل القارئ جيداً دونما توجيه مني، وأشارككم اعتقادي حولها.
واطرح هذا السؤال: هل تُعتبر حضارة كانت تلك أخلاقها وقيمها،
حضارة تؤمن بالحساب في الآخرة، كما جاءت بها كل الأديان السماوية
حضارة وثنية؟
إنها حضارة تنتمي لورثة نبى الله "إدريس"، والذي ذكرته التوراة على أنه "أخنوخ" من نسل آدم.. كما ذكره "السيوطى" على أنه ملك مصري قديم، ووصفه "المقريزى" بأحد بناة الأهرام.. وحتى الشيخ "على جمعة" وصفه "بأنه أبو الهول"، وهو على حد قولهم أول من خط بالقلم وعلّم الزراعة وتخطيط المدن ولبس المخيط والسكن في البيوت، ويضيف بعضهم القول بإنه أول من ركب الخيل وجاهد في سبيل الله.
إنه المعلم الأول وهرمس الهرامسة وحكيم الحكماء لأن النبى الكريم علم البشرية أشياء من أجل الدخول للحضارة .
وعند محاولاتي للإجابة عن السؤال السابق، تذكرت مقولة شهيرة قالها ذات يوم شيخ الجامع الازهر الاسبق "محمد مصطفى المراغي" ١٨٨١-١٩٤٥:
"أتوني بأي شئ ينفع الناس وأنا آتيكم بسند له في الإسلام."
وجعلت هذه المقولة المرشح والفلتر الأساسي لتقييم تلك المبادئ الأخلاقية التي صنعت الحضارة المصرية القديمة. بل وتصلح لكل ما يؤثر في الإنسان على وجه العموم.
وهنا أكرر وأؤكد بأن تلك الأخلاقيات كانت المدد والسند لصنع الحضارة. والتي اكدت عليها كل الأديان السماوية. وظهرت جلية في الإسلام، ولا أعتقد أن هناك من يعارض قيمة هذه المبادئ الاخلاقية التي تنفع الناس في كل زمان وكل مكان.
هذه هي المبادئ التي نادى بها كل المصلحون والفلاسفة وحكماء الشرق والغرب وخبراء التنمية البشرية ومشرعي القوانين ونشطاء حقوق الإنسان وكانت ولازالت المادة الأساسية لكل القوانين والتشريعات في كل مكان.
فخبراء التنمية البشرية في نصائحهم وتوصياتهم من أجل النجاح في الحياة الشخصية والعملية ينادون بتطبيق نفس المبادئ، ورجال الدين في المعابد والكنائس والصوامع والمساجد يحذرون الناس بسوء العاقبة في حساب الآخرة إذا لم يتعاملوا بينهم بهذه الأخلاقيات.
وفي النهاية تلك المبادئ لا يمكن أن تصدر إلا عن مجتمع تأسست أركانه على التوحيد ولم يكن بأي حال مجتمع وثني. ومازال التاريخ الحقيقي لم يُكشف ما في جعبته.