دكتور علاء الحمزاوى يكتب : خير الأعمال في خير الأيام!


ــ نقصد بخير الأيام يوم العيد وأيام التشريق، فيوم العيد خير أيام الدهر على الإطلاق، هو خير من يوم عرفة ويوم الجمعة لقول النبي: "إنَّ أفضلَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القَرِّ"؛ وذلك لأنه هو اليوم الذي قرَّر فيه سيدنا إبراهيم نحر ابنه إسماعيل، ففداه الله بذبح عظيم، فصار الذبح شعيرة من شعائر الحج للقارن والمتمتع، وصار سُنة للمسلمين في عيد الأضحى للمقتدر شكرا لله على نجاة إسماعيل، وهو أفضل الأيام المعلومات الواردة في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}، فالأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق، والآية تحث المسلمين على أمرين: الذبح والذكر شكرا لله على رزقه؛ فهما أفضل العمل في هذه الأيام لقول النبي: "مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ مِنْ هراقةِ دَمٍ"، وكان النبي عند الذبح يستقبل القبلة، ويقول: "بِسْمِ اللَّهِ واللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنكَ وإلَيْكَ، إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ"، فيستحب لك أن تقول ذلك حينما يبدأ الجزار في الذبح فهذا ذكر، وقد حثنا النبي على الذكر قائلا: "فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ"، وقال الله في أيام التشريق: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ)، وأعظم الذكر : الله أكبر الله أكبر الله لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وينبغي أن يستمر المسلم في الذكر حتى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق.
ــ ومن العمل الصالح في هذه الأيام التراحم والتسامح بين الناس، ففي الحديث "اسْمَحْ يُسْمَحْ لكَ"، أي تسامح مع الناس يتسامح الله معك، فالجزاء من جنس العمل تصديقا لقول الله: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، وفي الحديث "لَنْ تُؤْمِنُوا حتى تراحمُوا قالوا: يا رسولَ اللهِ كلُّنا رَحِيمٌ، قال: إنَّهُ ليس بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صاحبَهُ، ولَكِنَّها رَحْمَةُ العَامَّةِ" أي رحمة كل الناس، ورغَّب النبي في التراحم فقال: "الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ"، والعيد فرصة للتراحم والتسامح بين الناس.
ــ من العمل الصالح في أيام العيد الإحسان إلى الناس، حيث أمر الله به فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، فالعدل المعاملة بالمثل، والإحسان المعاملة بالفضل، فهو أعلى من العدل، هو الفضل الذي أوصانا الله به فقال: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، وجمع القرآن بين العدل والفضل في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، فأول الآية عـدل وآخرها فضل، والإحسان عبادة نتعبد بها إلى الله، قدَّمها ربنا على الصلاة والزكاة، فقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، الإحسان أن تصِل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمَّن ظلمك وأن تغفر للناس وتصفح عنهم، قال ربنا للنبي: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وأوْلى الناس بالإحسان الوالدان ببرهما ثم الأهــل والجيران بطيب المعاملة، وأفضل الإحسان في أيام العيد إدخال الفرحة والسعادة على الناس ولاسيما بالتصدُّق على المحتاجين بالمال واللحوم، وقد بشَّر الله أهل الإحسان بالرحمة، فقال: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
ــ من العمل الصالح فيها صلة الناس ولاسيما ذوي الرحم والمتخاصمين، ففي الحديث "صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمُرِ، وكلُّ معروفٍ صدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدنيا همْ أهلُ المعروفِ في الآخرةِ"، فصلة الرحم تزيد عمر الإنسان حقيقة أو تبارك في عمره بالصحة وفعل الخيرات، وفي الحديث "لَا تَحِلُّ الْهِجْرَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنِ الْتَقَيَا فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْآخَرُ السَّلَامَ اشْتَرَكَا فِي الْأَجْرِ، وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ بَرِئَ هَذَا مِنَ الْإِثْمِ، وَبَاءَ بِهِ الْآخَرُ"، وفي الحديث "لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحمٍ"، وكان النبي أوصل الناس قبل البعثة وبعدها، والصلة تكون بالسلام والتهنئة والتزاور؛ ففي الحديث "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ".