خالد درة يكتب : بالعقل أقول…( بعد سنتين من حرب نتنياهو لا ” نصر مطلق ” و لا ملامح ”لليوم التالي”.. )


لا يستعجل نتنياهو ترجمة المكاسب العسكرية إلى ربح سياسي و يرفض وقفاً دائماً للحرب على غزة ، غير مبالٍ بالتحذيرات من بعض الأصوات في الداخل الإسرائيلي ، التي ترى أن العودة لاحتلال القطاع قد تجعل من إسرائيل دولة منبوذة في العالم ..
و نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فرض معادلته القائمة على أن بقاء إسرائيل ، مرتبط بحروب أبدية على "سبع جبهات"، و بأنه لن يتوقف قبل تحقيق "النصر المطلق" ..
يعزو نتنياهو الفضل في "تغيير وجه الشرق الأوسط" إلى الحروب التي يخوضها منذ هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر 2023 على غلاف غزة ، و عندما يستعرض هذه "الإنجازات"، يتحدث عن الضربات القوية التي تلقتها الحركة الفلسطينية في القطاع و خارجه ، و كذلك "حزب الله" في لبنان ، و موجتين من الهجمات على إيران ، و تدمير أهداف و بِنى تحتية للحوثيين في اليمن ، إلى التوغل في الجنوب السوري و احتلال المنطقة العازلة شمال الجولان وصولاً إلى قمة جبل الشيخ و استهداف ما تبقى من أصول للجيش السوري السابق ، بعد سقوط نظام بشار الأسد ..
و مع ذلك ، لا يستعجل نتنياهو ترجمة المكاسب العسكرية إلى ربح سياسي و يرفض وقفاً دائماً للحرب على غزة ، غير مبالٍ بالتحذيرات من بعض الأصوات في الداخل الإسرائيلي ، التي ترى أن العودة لاحتلال القطاع قد تجعل من إسرائيل دولة منبوذة في العالم .. والمؤتمر الذي ترعاه السعودية و فرنسا بعد أيام في نيويورك ، لإحياء اقتراح "حل الدولتين"، مؤشر إلى مُضِي إسرائيل في الاتجاه الخاطئ ..
و على وقع تصاعد الانتقادات الدولية لمواصلة الحرب على غزة ، التي لم تعد أطراف أممية و غربية تخشى وصفها بعملية إبادة للشعب الفلسطيني ، عبّر وزير المال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بوضوح كافٍ عن الهدف من الحرب ، إذ قال في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست" الأسبوع الماضي : "سيفهمون (الفلسطينيون) أنه لم يعد هناك أمل ، و أنه لم يعد لهم شيء في غزة ... و سيصبحون يائسين كلياً و سيبحثون عن مكان آخر" ..
كذلك ، وسّع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس نطاق الرد على التنديدات الدولية بالتأكيد على "إقامة الدولة اليهودية" في الضفة الغربية .. كلامه جاء بعد قرار للحكومة الإسرائيلية بإنشاء 22 مستوطنة في غور الأردن ..
هذه النظرة المسيحانية للنزاع يقودها نتنياهو بعبارة يكررها منذ بدء الحرب : "لن نتوقف قبل النصر المطلق".. وهذا يعني ببساطة تقديم هدف القضاء المبرم على "حماس"، على هدف استعادة الأسرى .. و في هذا سَعْي حثيث إلى نزع الورقة الأقوى من يد الحركة ، التي قبلت باقتراح المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الأخير ، و طالبت بضمانات أميركية بأن إسرائيل ستوقف الحرب بشكل دائم ، الأمر الذي قوبل برفض إسرائيلي و أميركي .. فالوقف الدائم للحرب ، يعرّض الائتلاف الحكومي للسقوط ، و تالياً الذهاب إلى انتخابات مبكرة ، ترجح كل استطلاعات الرأي أن نتنياهو لن يتمكن بعدها من نيل غالبية تؤهله تشكيل الحكومة الجديدة .. و أكثر ما يخشاه أنه إذا ترك الحكم سيتعرض للمساءلة عن الإخفاق في 7 أكتوبر .. و حتى الآن ، يلقي نتنياهو بالمسؤولية في الإخفاق على الجيش والأجهزة الأمنية ..
و يُعد هذا السبب الرئيسي لتمسك نتنياهو بالحرب ، على رغم أن الاستطلاعات تظهر أن 70 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون وقفاً دائماً لها في مقابل استعادة ما تبقى من الأسرى الأحياء و الأموات .. و في مظهر شديد الدلالة ، بدأت الاحتجاجات الأسبوعية التي تخرج مطالبة باستعادة الأسرى ، ترفع مؤخراً لافتات تطالب بوضع حد نهائي للحرب .. و لم يكن الأمر على هذا النحو عند بداية الاحتجاجات ، فهذا التبدل في الرأي العام ، مبني على أسباب عملانية أيضاً تأخذ في الحسبان الوضع الداخلي ، فالجيش الإسرائيلي الذي يقول علناً إنه بحاجة إلى تطويع عشرة آلاف مجند جدد لتلبية حاجات الجبهات المفتوحة ، بدأ يزج بالمجندات في المواقع القتالية في غزة ولبنان و سوريا ، كما تتصاعد الانتقادات من مضي نتنياهو في تغيير النظام في إسرائيل تحت غطاء الحرب ، فيحدّ من صلاحيات المستشارة القضائية ، و يروّض أجهزة الأمن على غرار ما حصل مع رئيس " الشاباك " رونين بار ..
و في مناسبة مرور 600 يوم على الحرب ، لخّص أيال زيسر في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" الوضع بالآتي : "على رغم انجازاتنا في هذه الحرب ، فإنه لن يكون فيها نصر مطلق".