خالد درة يكتب: بالعقل اقول…( إيران و إسرائيل ... و حرب الوجود)


بين الصد و الرد تعيش أجواء الحرب بين إيران ﻭ إسرائيل و كلا منهما يدافع عن وجوده و ذاته و على الرغم من تقدم إسرائيل فى المنظومة القتالية لديها دفاعاً ﻭ هجومياً إلا أنه يُقدَّر أن إيران لا تزال تحتفظ بقدرات صاروخية كفيلة بإلحاق ضرر جسيم داخل إسرائيل .. و بينما تترقّب إسرائيل انخراط الولايات المتحدة في المواجهة المباشرة مع طهران ، تتكشّف تدريجاً خيوط ما تحقق فعلياً في الأسبوع الأول من الحرب ، و ما لا يزال مطروحاً على طاولة العمليات العسكرية .. فقد كشفت صحيفة "معاريف" أن إسرائيل أبلغت كلاً من تركيا و بريطانيا ، إلى جانب الولايات المتحدة ، بنيّتها توجيه "ضربة قاسية للنظام الإيراني" فجر الجمعة ..
و وسط التصعيد و القصف المتبادل ، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف إيال إنّ هناك سؤالاً محورياً يجب على القيادة السياسية أن توجّهه للجيش الإسرائيلي و هو "إلى أيّ مدى اقتربت العمليات من تحقيق أهدافها؟ و ماذا بقي ممكناً عسكرياً دون تدخل أميركي مباشر؟" .. و أضاف : "رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال رافضاً ، في العلن ، الانضمام لضربة على مفاعل فوردو النووي ، فإن تغيّر مواقفه وارد في أي لحظة ، كما اعتاد أن يفعل في أزمات مشابهة"..
بدوره ، حذّر الجنرال الاحتياط يتسحاق بريك من مغبة الاعتقاد بإمكانية تدمير القدرة النووية الإيرانية عبر الضربات وحدها .. و ذكّر بتقارير المفتشين الدوليين التي أكدت أن بعض المنشآت مدفونة على عمق يفوق ألف متر تحت الأرض ، بما يجعل تحييدها الكامل شبه مستحيل عسكرياً .. و برأيه ، فإن أقصى ما يمكن تحقيقه هو تأخير موقت للبرنامج النووي ..
و أضاف بريك أن طهران تمتلك اليوم كمّية من المواد الانشطارية تكفي لصناعة نحو عشر قنابل نووية ، بل إن بعض الخبراء يشيرون إلى أنها حصلت بالفعل على قنابل من كوريا الشمالية أو باكستان .. هذا الواقع ، وفقاً له ، يضع إسرائيل أمام تحدٍّ وجودي ، و لا سيما مع استمرار إيران في تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس متفجرة بزِنة طن ، في وقت تشهد فيه منظومة "حيتس" الاعتراضية استنزافاً مقلقاً ..
و رغم أن سلاح الجو الإسرائيلي نجح في تنفيذ ضربات داخل العمق الإيراني ، فإن الخبراء العسكريين يشككون في قدرة هذه الضربات على تدمير البرنامج النووي بالكامل أو منع إنتاج القنابل .. و أشار بريك إلى أنه "كلما طال أمد الحرب ، زاد خطر تدمير البنية التحتية داخل إسرائيل ، خصوصاً في الوسط"، محذراً من تكرار خطأ النشوة المفرطة في البدايات ، تليها صدمة الواقع ..
بدورها ، أكدت "يديعوت أحرونوت" أن هيئة الأركان الإسرائيلية ترى أن "الظروف لم تنضج بعد لوقف الحرب"، و شددت على ضرورة "استنفاد الإنجازات" قبل التفكير في أيّ تسوية ..
و نقلت الصحيفة عن ضابط رفيع أن "إيران أصبحت مكشوفة بعد تدمير منشآت نطنز و أصفهان ، و تصفية قادتها ، و ضرب منصات إطلاق الصواريخ .. لدينا الآن حرية عمل واسعة ، و هذه إنجازات غير مسبوقة"..
و على رغم هذه التقييمات الإيجابية ، تُقرّ المصادر العسكرية الإسرائيلية بوجود أهداف نوعية لا تزال بعيدة عن مرمى النار ، خصوصاً تلك المرتبطة بالبرامج النووية و الصاروخية .. و يُقدَّر أن إيران لا تزال تحتفظ بقدرات صاروخية كفيلة بإلحاق ضرر جسيم داخل إسرائيل ، ما يفرض استمرار العمليات ..
و أكد ضابط آخر أن "من يظن أن إزالة النووي الإيراني ستتحقق من دون ثمن باهظ، فهو واهم"، مضيفاً: "إن لم نُنهِ هذه التهديدات الآن ، فقد نجد أنفسنا بعد عام أو اثنين عاجزين عن البقاء هنا" ..
و في هذا الإطار ، حذّر المحلل العسكري عاموس هارئيل من خطر انزلاق إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة ، تُنهك قواها ، كما حدث مع أوكرانيا ، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الإدارة الأميركية تبقى العامل الحاسم في مسار الحرب ..
ووفقاً لهارئيل ، فإن الغارات الإسرائيلية تهدف إلى تأجيل البرنامج النووي الإيراني لعامين أو ثلاثة ، و تقليص عدد الصواريخ الباليستية ، و إحباط ما تسمّيه إسرائيل "خطة الإبادة"، وهي هجوم إيراني واسع النطاق ..
و تبقى السيناريوات المستقبلية محصورة بين ثلاثة مسارات : الأول ، تدخل أميركي مباشر عبر ضرب منشآت حسّاسة مثل فوردو و أهداف عسكرية إيرانية – ما قد يقلب موازين القوى .. الثاني ، ضغوط أميركية على نتنياهو لإنهاء الحرب بسرعة ، و إبرام إتفاق نووي جديد بشروط مشددة .. أما الثالث و الأخطر فهو حرب استنزاف طويلة تفوق قدرة إسرائيل على التحمّل ، في ظل غياب دعم دولي واضح لها .