مدحتالشيخ يكتب : بعد تعديل قانون مزاولة المهنة... طالبة الصيدلة إلى أين؟


في صمت لا يشبه صمت المعامل، وداخل مدرجات تضج بالقلق لا بالمحاضرات، تجلس طالبة الصيدلة حائرةً، تحمل على كتفيها حلمًا ثقيلًا وتقرأ في السطور الجديدة للقانون مصيرًا مغايرًا لما خُطط له.
تعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة، الذي أُقر مؤخرًا، لم يكن مجرد مادة تُضاف أو تُحذف، بل هزّ أركان أحلام آلاف الطلاب والطالبات. لم تعد سنوات الدراسة الخمس كافية، ولا حتى التدريب التقليدي. الآن، الحديث عن اختبارات تراخيص، وتدريب مكثف، وربما اشتراطات جديدة تماثل ما يُطلب في كليات الطب.
الطالبة التي اعتادت أن تقرأ جرعات الأدوية وتفكك تفاعلات المركبات الكيميائية، وجدت نفسها مطالبة بفك شيفرات القانون الجديد. هل ستُمنح رخصة المزاولة فور التخرج؟ هل عليها أن تجتاز اختبارًا قوميًا؟ وهل سيعاد هيكلة المناهج الدراسية لتتناسب مع التعديلات؟ كل هذه الأسئلة تحاصرها بلا إجابة قاطعة.
المفارقة أن هذه الطالبة، التي كانت تُلقب داخل أسرتها بـ"الدكتورة"، صارت الآن أشبه بمتدربة دائمة في نفق طويل من الإجراءات والمعايير. ومع ذلك، فإن التعديل لا يخلو من منطق. فمهنة الصيدلة لم تعد ترفًا أكاديميًا، بل صارت من الخطوط الأمامية في منظومة الصحة، ويجب أن تُمارس من قبل مؤهلين حقيقيين.
لكن المنطق وحده لا يكفي. فالإعداد النفسي، والدعم المؤسسي، وتوفير التدريب الحقيقي، كلها عوامل حاسمة. لا يمكن أن نحمّل الطالبات وحدهن كلفة التغيير، ولا أن نلقي بهن في خضم سوق مشبّع بالمنافسة دون أدوات جديدة وواقعية.
الطالبة الصيدلانية اليوم هي بين مطرقة الطموح وسندان القوانين. إننا لا نحتاج فقط إلى تشريع جيد، بل إلى عدالة انتقالية تحفظ حقوق من التحقوا بالكليات قبل التعديل، وتراعي أوضاعهم، وتمنحهم فرصًا عادلة للتأقلم.
في النهاية، الطالبة الصيدلانية لا تطالب بالمجاملات، بل بالعدالة. لا تطلب تقليص الشروط، بل وضوح الطريق. وبينما تتحدث الجهات الرسمية عن الارتقاء بالمهنة، تتمنى هي أن يرتقوا أيضًا بالأسلوب، وأن يجعلوا القانون أداة تطوير لا أداة تعطيل