مروة نايل تكتب : انا عايش ومش عايش …!


هذه ليست مراجعة لأغنية الهضبة التي صدرت منذ ربع قرن والتي لاقت نجاح كبير وقتها ، بسبب جمال الكلمات وروعة اللحن وإحساس نجم الجيل واداءه المعبر في الكليب المصاحب لها ، ولكن نجاحها الساحق وقتها والذي مازال يتصدر قائمة الأفضل حتى وقتنا هذا جاء من عنوانها العبقري من وجهة نظري التي لاقيمة لها"بصوت شلبوكه چينرال التعليق"، لأن أنا عايش ومش عايش جملة تتردد على كل لسان أكلت الدنيا وشربت على طموحه وأحلامه وجهده ، حتى أنتقلت غير مأسوف عليها من دفتر التوفير إلى دفتر الديون المعدومة الخاص بالسيد احمد عبدالجواد المعروف بسي السيد ، تحت بند بضاعة اتلفتها المبالغة في التوقعات .
فالحياة ليست قصة تُروى كما نشتهي، ولا فيلمًا نعيد مشاهدته لنُغيّر النهاية، هي فصولٌ متتالية، نعيشها على المسرح دون أن نملك النص الكامل، ولا حتى حق التعديل على المشهد التالي،تحمل لنا الحياة في طياتها الكثير من المفارقات،حُلم يتحقق بعد صبر، وآخر يتعثر على أعتاب الواقع،لقاء يأتي بلا موعد، وفراق يطرق الباب دون إنذار أو تفسير، كم مرة عشنا بداية لم نتوقعها، وكم مرة تلاشت منا نهاية حلم كنا نظنه في متناول اليد.
الحياة لا تمشي على أهوائنا، ولا تراعي خططنا الدقيقة ولا أحلامنا المرتبة على رفوف القلب،إنها تمضي، تمضي كما تشاء، وتلزمنا أن نواكبها، شئنا أم أبينا، أحياناً تبتسم، وأحياناً تكشر عن أنيابها، وبين هذه وتلك، نتقلب نحن في دوامة من المشاعر، نحاول أن نتماسك، أن نستمر، أن نعيش،لكن رغم كل ما تحمله من قسوة، لا يمكننا أن ننكر لحظات النعمة،ضحكة طفل، حضن أم، كلمة طيبة من عابر سبيل، صديق صادق، شمس دافئة في صباح بارد، هي تلك اللحظات الصغيرة التي تعيد توازننا، وتهمس لنا بأن الحياة رغم مرارتها أحيانًا، ما زالت تستحق أن تُعاش، وربما هذا هو سر الحياة…أنها لا تمنحك دائمًا ما تُريد، لكنها تمنحك ما تحتاج لتصبح أقوى،تأخذك إلى الحافة، ثم تريك أن في داخلك جناحين، تكسر شيئًا، لتُريك كم كنت تتعلق بما لا يُناسبك،تُبطئك لتسمع صوت قلبك، لا ضجيج العالم،
وفي زحام كل يوم، ثمة لحظة صافية،لحظة تجد نفسك فيها ساكنًا أمام كوب قهوة،أو في دعاءٍ همسته فجأة دون تخطيط، أو في عيون شخصٍ لم يقل شيئًا، لكنك شعرت به يقول: "أنا هنا"، هذه اللحظات لا تُدوَّن، لا تُعاد،
لكنها تلمّع القلب وتُجليه من الداخل، وتُخبرك بهدوء،
أنك بخير… رغم كل شيء
ع الحلوه والمره، ليس هتاف جمهور التالته شمال ، ولا نقولها في الزواج فقط، أو مع أي علاقة شراكة ، بل في كل رباط ننسجه مع هذه الحياة،فالصديق لا يُختبر في الضحك فحسب، بل في لحظة الانكسار،
والقلب لا يُعرف صدقه حين يفرح، بل حين يصبر،
والإنسان لا يُقاس بنجاحه وحده، بل بكيفية نهوضه بعد كل عثرة.
نتعلم مع الوقت أن نُخفف سقف التوقعات، أن نُقدّر اللحظة مهما كانت بسيطة، وأن نُدرك أن الحلو لا يُدرك إلا بعد أن نتذوق المر، ندرك أن لا شيء يدوم، لا الألم ولا الفرح، وأن تقلب الأيام هو ما يجعلنا بشرًا،
نُدرك أن الحياة ليست دائمًا عادلة، لكنها دائمًا تعلمنا،
فلنعشها إذًا كما هي، بكل ما فيها،
نُضحك حين تضحك لنا، ونبكي حين تثقلنا، لكننا لا نيأس، لا ننكسر طويلاً، نحمل الأمل في قلوبنا، ونمضي، وكلما اشتدت العاصفة، تذكرنا أن وراء الغيم شمس لا بد أن تشرق، هذه هي الحياة،