حكايات مصيرية
الكاتب الصحفي الحسيني عبدالله يكتب : الصراع الإيراني – الإسرائيلي... نار تحت الرماد


في ظل المشهد الجيوسياسي المتوتر في الشرق الأوسط، يبقى الصراع بين إيران وإسرائيل واحدًا من أكثر الملفات تعقيدًا وخطورة، ليس فقط لارتباطه المباشر بأمن المنطقة، بل لأنه يمس ملفات دولية كبرى تتعلق بالنووي، والتحالفات، والنفوذ الإقليمي، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
*الجذور الأيديولوجية والسياسية*
ينطلق هذا الصراع من اختلاف جذري في العقيدة السياسية والأمنية. فإيران منذ ثورة 1979 تتبنى خطابًا واضحًا ضد "الكيان الصهيوني"، وتعتبر نفسها داعمًا أساسيًا للقضية الفلسطينية، وتصف إسرائيل بـ"العدو الأول للأمة الإسلامية". في المقابل، تنظر إسرائيل إلى إيران كأكبر تهديد وجودي، خاصة في ظل تنامي قدراتها العسكرية والنووية، ودعمها لجماعات مسلحة مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة.
*النووي الإيراني والردع الإسرائيلي*
البرنامج النووي الإيراني هو المحور الأكثر خطورة في هذا الصراع. تخشى إسرائيل من أن يفضي امتلاك طهران للسلاح النووي إلى كسر ميزان الردع التقليدي، وتصر على منع ذلك بأي ثمن. وقد شهدنا خلال السنوات الماضية ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في سوريا والعراق يُعتقد أنها على صلة بنقل تكنولوجيا أو أسلحة من إيران إلى حلفائها.
*حرب الظل: الموساد والحرس الثوري*
يدور صراع خفي بين الموساد الإسرائيلي والحرس الثوري الإيراني، عنوانه الاغتيالات، والهجمات السيبرانية، وتسريبات استخباراتية. فاغتيال علماء نوويين إيرانيين – وعلى رأسهم محسن فخري زاده – يُنسب إلى إسرائيل، كما تُتهم طهران بشن هجمات إلكترونية واستخدام مليشيات في العراق وسوريا لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
*التصعيد الأخير: من غزة إلى طهران*
تزايد التوتر مع تنامي ضربات إسرائيل على مواقع إيرانية في سوريا، ومع الاتهامات المتكررة لطهران بتهريب صواريخ دقيقة إلى حزب الله. في المقابل، أعلنت طهران عن امتلاك صواريخ باليستية قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي. وقد شهدنا مؤخرًا هجومًا بالطائرات المسيّرة على أهداف إسرائيلية، قالت تقارير غربية إنه يحمل بصمات إيران.
*الموقف الدولي: بين التهدئة والمصالح*
الولايات المتحدة تحاول التوفيق بين الضغط على إيران لمنع التسلح النووي، والحرص على استقرار المنطقة، بينما تقف روسيا والصين إلى جانب طهران في كثير من الملفات، مما يزيد من تعقيد الصراع. وفي ظل التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، تحذر إيران من محاولة "عزلها إقليميًا".
وأخير نستطيع القول إن
الصراع الإيراني – الإسرائيلي ليس مجرد خلاف سياسي أو عسكري، بل هو صراع وجود ونفوذ واستراتيجيات متشابكة، وقد تؤدي أي خطوة غير محسوبة إلى انفجار إقليمي كبير. وبينما تشتعل الجبهات الكلامية والضربات غير المعلنة، يبقى السؤال: هل يبقى هذا الصراع تحت السيطرة أم أن الانفجار قادم؟