الجمعة 4 يوليو 2025 08:24 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. محمد على عبدالباقي يكتب: جيرة السوء لمصر .. كيف تكونت ؟!

  د . محمد على عبدالباقي
د . محمد على عبدالباقي

دائما ما يشتكي السادة المصريين من خيانات ومؤامرات وغدر وعمالة ووضاعة جيرانهم .. الذين تسببوا عبر الزمن في ايقاع أم الدنيا في مشاكل وأزمات وتحديات وتوترات وحروب وخسائر وكانوا سبب رئيسي في القضاء على الحضارة المصرية -أول واعظم حضارة على الأرض- والتي أخرجت البشرية من الظلمات الى النور... وأنقذت الانسان من الانقراض فوهبته الحياة والاستمرارية على الكوكب.

المصريون لخصوا كل تلك المآسي في كلمتين اثنين (جيرة السوء) .. فكيف تشكلت وتكونت تلك الجيرة ؟!

هذه الخارطة المرفقة عمرها 3500 عام .. وتظهر حدود الإمبراطورية المصرية حينما حكمت مصر العالم كله لمدة 4000 عام

بدات الحياة على كوكب الأرض حينما رحل نبي الله آدم وزوجه وولده شيث الى مصر .. قادما من جبل عرفات هربا من قابيل (قاتل هابيل) وأبنائه الذين هدموا الكعبة ونشروا الفساد والكفر .. فتم نقل القبلة الى مصر لتظل بها الاف السنين.. وهناك علماء يقدرون هذه الفترة ب 40 ألف سنة .. وآخرون يقولون أنها لم تتجاوز ال 12 ألف سنة.

لكن في كل الأحوال .. وبعد الاستقرار في مصر .. أنجب شيث ابن آدم ولده ادريس (عليهم جميعا السلام) .. وأنجب ادريس ذرية عظيمة .. وهؤلاء كانوا أول مصريين ومن أنسالهم خرجت الأمة المصرية.. لتكون هي (أهل الخير) في الأرض.

في المقابل هاجر قابيل وبنيه من مكة ليهبطوا في الوديان فاستقر بهم الحال في بلاد النهرين .. ليكون أولئك هم أهل الشر على الكوكب

مرت عقود من الزمان يتلقى فيها ادريس عليه السلام الوحي والعلوم من السماء ليعلمها لأبنائه وأحفاده المصريين المؤمنين الموحدين الذين تم اختيارهم وتكليفهم بوضع حجر الاساس للرسالة السماوية وتشييد الحضارة وتعمير الأرض وفرض العلم.

وعلى الجبهة الأخرى كان أحفاد قابيل يواصلون عبادة الشيطان وغارقين في الجهل والملذات والفواحش ..

وبعد أن أسس النبي ادريس الحضارة في مصر .. أرسل وفودا من المصريين ليبنوا المدن في بقاع مختلفة من العالم القديم .. وارسل حفيده نوح الى ما وراء النهرين ليشيد المدينة التي لازالت تحمل اسمه حتى اليوم (نوح أوند) التي تم تحريفها الى (نهاوند) ..

وجاء الوحي الالهي لنوح الذي أرسله الله كنذير لقوم قابيل .. فكان أول نبي منذر .. وبقى بين أولئك القوم 950 سنة فلم يؤمن له الا ابنائه الثلاث سام وحام ويافث .. اضافة لبعض العجائز والضعفاء الذين توفوا جميعا بدون ذرية.. بينما غرقت بقية ذرية قابيل عن بكرة أبيها.. ومعهم ابن نوح (كنعان) ..

وانتشر أبناء نوح في ربوع الأرض .. يافث في شرق آسيا .. حام في افريقيا .. سام في اليمن .

فخرجت ذرية جديدة للبشر .. نجا منها من نجا وهلك من استذله الشيطان وأغواه مثل أقوام عاد وثمود وغيرهم.

وفي الوقت الذي كانت فيه تلك الذرية تعيش في ظلام الجهل والبداوة والصراع بين الكفر والايمان .. والهلاك بين الحين والآخر بضربات سماوية.. كان المصريين يواصلون مع أنبيائهم (المعلمين وليسوا المنذرين) بناء حضارتهم حتى شيدوا أول دولة على وجه الأرض .. وأثرى بقعة في الكوكب كله .. فتهاطل المتسولين والمتشردين من البشر (ذرية نوح) ليتناثروا تحت أسوار الدولة المصرية.

محيط الدولة المصرية قبل 5 آلاف سنة فقط .. لم يكن يوجد فيه أي نوع من البشر .. فكان لا يوجد شام ولا سودان ولا شمال غرب افريقيا .. ولا جزيرة عربية .. وكان أقرب جار للمصريين .. مجموعات من الأقوام البدوية في بلاد النهرين .. أو بدائيين في أعالي بلاد الحبشة.. او اقوام لم يوفر لنا الناريخ معلومات دقيقة عنهم كانوا في أقصى شرق آسيا.

ضرب القحط والمجاعات كل تلك الأقوام باستثناء المصريين الذين خصتهم السماء بالرخاء والثراء والنعيم بفضل ايمانهم الذي لم بنقطع .. وبفضل طاعتم لله ولأنبيائهم في حمل الرسالة والعمل بكد وصلد.

بدأت الدولة المصرية بمفهوما العصري منذ 7000 عام ليكون اول مزارع مصري وأول ملك مصري .. واول من اسس المؤسسات مصري واول القضاة مصري وأول الوزراء مصري واول عالم مصري واول طبيب مصري واول مهندس مصري وأول معلم مصري واول صانع مصري واول بناء مصري..

وبعد ألفي سنة ذاع صيت الدولة والحياة المصرية بين الأقوام البشرية الأخرى .. لدرجة أنهم كانوا بعتبرون مصر اسطورة .. وكانوا يرون المصريين وكأنهم ملائكة وليسوا ببشر .

فتوافد البدائيين لينصبوا خيامهم على أطراف الدولة المصرية للعيش على فضلات وصدقات المصريين.. حيث كانت اعظم وارقى مهنة وصل اليها اولئك البدائيين هي رعي الأغنام يعيشون تحت رحمة الأمطار ويترحلون خلف الأعشاب البرية.. ومع تواصل فترات الجفاف ألقت بهم المقادير على حدود أم الدنيا.

وكانت تلك هي نقطة البداية لما يعرف ب(جيرة السوء)
فبعد أن أطعمت مصر اولئك الجيا ع والمتسو لين تنمردوا وتمردوا وحاولوا نزع الخير من يد المصريين .. فخرج خير أجناد الأرض عبر التاريخ لتأديبهم واقامة امبراطورية مترامية الأطراف.

فقد آمن المصري القديم أنه لا أمان ولا استقرار الا بمد حدود مصر الى أبعد نقطة ممكنة في كل الاتجاهات لتجنب أطماع وأحقاد البدائيين.

وكان كلما انحسرت الامبراطورية المصرية وتقوقعت داخل حدودها المعروفة حاليا .. كلما استوحش واستفحل خطر احفاد البدائيين المتسولين.. وكلما زادت أطماعهم في أم الدنيا.

د. محمد على عبدالباقي جيرة السوء لمصر .. كيف تكونت ؟! الجارديان المصرية