السبت 5 يوليو 2025 06:09 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

هند محمد علي تكتب: الصندوق عن قصة الصندوق للدكتور كمال يونس

الكاتبة هند محمد على
الكاتبة هند محمد على


المشهد الاول
(يفتح الستار علي اضاءه صفراء خافتة يجلس رجل علي كرسي يتوسط المسرح يوحي شكله بأنه في منتصف الخمسينات من عمره، شعره رمادي مائل للابيض ذقنه خفيفة بيضاء يبدو عليه انه شارد الذهن يغوص في افكاره ثم فجاءه تبدأ الاضاءه في التزايد وتتداخل الالوان، يسمع صوت صرير خزانات قديمة مُربك وصوت اقدام تأتي من خلف الرجل)

الرجل: من هنا؟ … اجبني من انت
( يتحرك الرجل بخطوات متردده ليحاول معرفة مصدر الصوت)
لا اعرف اين تختبئ ولكني انصحك بأن تخرج حالا
اسمع ان كنت آتي بغرض السرقة فلسوء حظك لم يتبقى عندي ما ينفعك
(اصوات الصرير تتزايد بشكل جنوني لتصبح لا تطاق، تعود الاضاءه للتداخل مره اخرى بشكل متسارع)
يفقد الرجل اعصابه
الرجل (وهو يصرخ؟ كفي..كفى..توقف، آه لم اعد استطع تحمل كل هذه الجلبة
(يتخبط الرجل بشكل عشوائي علي المسرح وهو يصرخ)
اصمتوا… اصمتوا
(يخبط الرجل الطاوله الموجودة بجانبه فتقع من فوقها قنينة عطر تنكسر. اضاءه صفراء هادئة، تتوقف الموسيقي الموتره…. تتابع انفاس الرجل المتلاحقة، تشتغل اغنية يا الي بتسال عن الحياة خدها كدة زي ما هية
‎فيها ابتسامة و فيها اه فيها اسية وحنية
‎ياما الحياة فيها الي بيشقيها و الي بيرضيها
و الي يأسيها
في اثناء اتجاه الرجل بتعب ناحيه السرير الموجود في جانب المسرح يتمدد عليه حتى يغفو )

ستار

المشهد الثاني
(يفتح الستار علي الرجل وهو مستلقي علي سريره، اضاءه ضعيفة كأنها ضوء الشمس تتركز علي صندوق كبير كان موجود من البداية.. ينهض الرجل من مكانه وهو ممسك برأسه ويتحسس الصندوق فإذا به يفتح فجاءه ليخرج منه فتاتين شابتان)
الرجل (بدهشة): من أنتما !! وكيف دخلتما الي هنا
فتاه ١ (بخبث) ألا تتذكرني
(تنظر للفتاه الاخرى وتضحك)
الرجل: في الواقع لم اعد اتذكر الكثير تلاشت معظم التفاصيل من ذهني.. ولكني اشعر أنني رأيتكما من قبل
فتاه ٢ (بصوت هادئ): صوتك لايزال دافئا.. تغيرت ملامحك بعض الشيء ..لكن عينيك لايزال لها نفس البريق
الرجل (بتردد): شكرا … ولكن من أين تعرفيني! في الحقيقة وجهك يذكرني بعض الشيء بحبيبتي القديمة.. كان لها عينان سوداءتان وأنف مدبب مثلك تماما.. آه كم كانت فاتنة
فتاه ١( تقاطعه بغيظ) آاااه وماذا ايضا؟.. الن تقول كيف انتهت علاقتكم .. ام انك تتذكر فقط ما يروق لك… الم تمل من خداع نفسك.. كن شجاعا لو لمرة واحده واعترف انك تنسى لأنك لا تريد أن تتذكر
(فتاه ٢ تجذبه نحوها)
فتاه٢ : التفت لي.. فأنا أعرفك.. أعرف انك لا تريد ان تنساني
فتاه ١ (بسخرية): هو دائما كذلك.. حفنة من التناقضات التي لا تنتهي.. لا يدرك قيمة ما كان معه إلا عندما يفقده… فماذا يُجدي رضاك بعد ان أفلتَ النِعم من يديك
الرجل( بغضب شديد وهو يصرخ): كفى.. اخرجي من هنا
فتاه ١: انت عاجز عن مواجهتي يا هذا فغيوم إنكارك الأبدي اوشكت على ابتلاعك
فتاه٢: توقفي.. توقفي عن إثارة غضبه
فتاه ١: لن اتوقف عن قول الحقيقة ابداً
فتاه ٢(بعصبية): قلت لكي توقفي الآن
( يتعصب الرجل ويتدخل بينهم ليوقف النزاع)
الرجل: اصمتوا… أعرف ان آفتي منذ قديم الازل هي التناقض.. لم تغفل التعاسة عن القيام بدورها في حياتي… لكن ايضاً كان لي من البهجة ما يكفي لملء جوفي.. غنيت وبكيت.. صرخت وضحكت..حلمت ويئست… صحيح أنني لا أفتخر تماماً بالحياة التي عشتها فلم تكن مليئة بالانتصارات العظيمة ولا المغامرات الهائلة .. لكنها دائما كان يوجد بها ما يستحق ان يعاش.
لست نادماً علي حياتي.. نعم وإني أقر وأعترف أني لم اكن نوراً، ولم اكن ناراً، لكني كنت وسأظل إنساناً.

“أنا اللي بالأمر المحال اغتوى
شفت القمر نطيت لفوق في الهوا
طلته مطلتوش - إيه أنا يهمني ؟
وليه ما دام بالنشوى قلبي ارتوى

هند محمد علي الصندوق عن قصة الصندوق للدكتور كمال يونس الجارديان المصرية