الأحد 6 يوليو 2025 09:44 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد الشافعى يكتب : أمريكا والعرب: التطبيع أم التقسيم.. مفترق طرق مصيري

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

لقد وصلت العلاقة بين الولايات المتحدة والدول العربية إلى منعطف خطير، حيث لم تعد هناك مواربة أو دبلوماسية ملتوية .. فالإدارة الأمريكية، خاصة في عهد ترامب، كشفت الأوراق بقسوة ( إما التطبيع الكامل مع إسرائيل، أو مواجهة مشاريع التقسيم والتفتيت) التي بدأت بذرتها الأولى مع اتفاقية "سايكس بيكو" عام 1916، والتي مزقت المنطقة إلى دويلات ضعيفة. اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن هذه المرة بضغوط أمريكية صريحة تفرض على العرب خيارين " الخضوع والتبعية، أو المقاومة والوحد " .

** الرسالة الأمريكية .. تطبيع أو تمزق

لم تعد أمريكا تخفي أجندتها، فقد جعلت من التطبيع مع إسرائيل اختباراً للولاء، بينما تهدد علنا بسيناريو التقسيم لكل من يقف في وجه هذه الخطة. . من المغرب إلى الخليج، تتحرك الدبلوماسية الأمريكية بآلية الضغط الاقتصادي والعسكري، مستغلة الانقسامات العربية، ومحولة القضية الفلسطينية من قضية تحرر إلى مجرد "صفقة استثمارية".. لكن السؤال الأهم " هل التطبيع يعني حقا السلام؟ أم أنه بوابة لاستسلام أوسع، يفتح الباب أمام مزيد من التنازلات؟"

**التقسيم.. الشبح الذي يطارد الأمة

التاريخ لا يرحم. فبعد قرن من سايكس بيكو، تعود الأدوات نفسها.. إثناء النزاعات الطائفية، تفجير الخلافات الحدودية، دعم الكيانات الهشة، وإضعاف الجيوش الوطنية . . من العراق إلى ليبيا، ومن سوريا إلى اليمن، تُرسم خرائط جديدة بدماء العرب، بينما تُقدم إسرائيل كـ"الحليف الاستراتيجي" الوحيد في المنطقة! لكن الحقيقة المرة هي أن التقسيم لن يتوقف عند حدود دولة عربية واحدة، بل سيكون وباءً يجتاح الجميع.

** الخيار الثالث .. الكرامة والاتحاد

لكن العرب ليسوا أمام خيارين فقط. هناك طريق ثالث، وإن كان شائكاً: *الوحدة العربية الحقيقية، مقاومة المشاريع الاستعمارية، ورفض التطبيع كخيانة للأمة. فالعرب يمتلكون ما لا يمتلكه غيرهم.. ثروات طبيعية هائلة، موقعاً جيوسياسياً حاسماً، لغة تجمع مئات الملايين، وعقيدة تُشكل هوية مشتركة .. فلماذا القبول بدور التابع، بينما يمكن بناء تحالف عربي قوي يُعيد تعريف موازين القوى؟

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج العرب إلى:

1- وقف التطبيع.. الذي لا يُجلب إلا مزيداً من الذل والتبعية.

2- فضح مخططات التقسيم.. ومحاكمة كل من يتعاون معها.

3- إحياء المشروع الوحدوي.. اقتصادياً وعسكرياً، بدلاً من التشرذم.

4- دعم المقاومة المشروعة.. في فلسطين والعراق واليمن، لأنها خط الدفاع الأول عن الأمة.

** التحذير الأخير.. التاريخ يراقب

الأمة العربية أمام اختبار وجودي. فمن يتعاون مع مشاريع التقسيم أو التطبيع، سيسجل التاريخ اسمه كخائن .. ومن يقف صامداً، سيكتب مستقبلاً جديداً لأبنائه. الشرق الأوسط الجديد الذي تريده أمريكا وإسرائيل هو مقبرة للعرب، ولن يكون بديلاً عن صحوة الأمة إذا أرادت الحياة.

فيا أبناء العرب اللحظة حاسمة، والخيارات واضحة

فإما أن نتعلم من دروس الماضي، أو نكرر مأساته.

أمريكا والعرب: التطبيع أم التقسيم.. مفترق طرق مصيري محمد الشافعى الجارديان المصرية