السبت 12 يوليو 2025 05:33 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الإعلامي الصيني نور يانج يكتب عن : ”التحديث الصيني النمط” يفتح مسارًا جديدًا للتقدم العالمي المشترك

الإعلامي الصيني نور يانج
الإعلامي الصيني نور يانج

يُعيد "التحديث الصيني النمط" تشكيل الإطار المعرفي للتحديث العالمي، كما يكسر منطق "الغرب هي الحديث"، ويطوّر نموذجًا تحديثيًا أكثر شمولًا وعالمية من حيث مفاهيم الحضارة ومسارات التنمية والنماذج المؤسسية. ويتحول هذا المسار التنموي، المتجذر في التربة الصينية والمستجيب لمطالب الشعب، إلى قوة دافعة مهمة في تعزيز التقدم العالمي وحل مشكلات التنمية البشرية.
لفترة طويلة، كان يتم ربط التحديث بالتصنيع الغربي في السياق العالمي في كثير من الأحيان. إلا أن هذا النموذج يأتي على حساب استهلاك مرتفع للموارد وتكاليف بيئية، ويصعب تطبيقه في الدول غير الغربية. ويُركز "التحديث الصيني النمط"، المستند إلى الظروف الوطنية الصينية ويؤكد على تحقيق الرخاء المشترك في ظل الحجم السكاني الهائل وتنسيق التنمية في الحضارة المادية والروحية وإيجاد توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة والالتزام بموقف دولي قائم على التنمية السلمية، مما وسّع بشكل فعال آفاقَ دول الجنوب العالمي نحو التحديث.
وقد أظهر "التحديث الصيني النمط" في السنوات الأخيرة حيويةً كبيرة على المجال الاقتصادي الاجتماعي، حيث يحتل الناتج الاقتصادي الصيني المرتبة الثانية في العالم باستمرار، وتجاوزت مساهمتها في النمو الاقتصادي العالمي 30% لسنوات متتالية، مما يجعلها محركًا رئيسيًا للانتعاش الاقتصادي العالمي. كما احتلت الصناعة التحويلية المرتبة الأولى عالميًا لمدة 13 عامًا متتالية، حيث شكلت أكثر من 30% من إجمالي الناتج العالمي، مما دعم استقرار سلسلة التوريد العالمية. وفيما يتعلق بالحد من الفقر، تم انتشال ما يقرب من 100 مليون فقير ريفي في الصين من براثن الفقر، مساهمين بأكثر من 70% من إنجازات الحد من الفقر العالمية، وهو ما أشادت به الأمم المتحدة بشدة.
على مستوى الحوكمة العالمية، يُعزز "التحديث الصيني النمط" بناء نظام دولي أكثر عدلاً وعقلانية. ومن خلال منصات مثل مبادرة الحزام والطريق وآلية البريكس والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، تُقدم الصين موارد التنمية والدعم المؤسسي للدول النامية. وفيما يتعلق بالتنمية الخضراء، تتجاوز الطاقة المُركبة للطاقة النظيفة في الصين 1.48 مليار كيلوواط، أي ما يُمثل أكثر من 50%. وقد صُدّرت الطاقة الإنتاجية الخضراء، مثل الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح، إلى أكثر من 40 دولة على طول مبادرة الحزام والطريق، مما حسّن بشكل كبير الاكتفاء الذاتي المحلي من الطاقة وقدرات التنمية الخضراء. وهذا لا يُظهر فقط قدرات الصين النظامية على التحول الأخضر، بل يُظهر أيضاً أن "التحديث الصيني النمط" يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة العالمية بطريقة شاملة.
في الوقت نفسه، تتحول الصين أيضًا من "تصدير المنتجات" إلى "تصدير المعايير". وقد قادت الصين أو شاركت في صياغة أكثر من 700 معيار دولي حتى الآن، تغطي مجالات رئيسية مثل التصنيع الأخضر والنقل الذكي. ويتم اعتماد المنظمة الدولية للمعايير سلسلة من المعايير الخضراء التي قادتها الصين، مما يعزز تكنولوجيا كفاءة الطاقة العالمية إلى معايير عالية وكفاءة عالية. يشير هذا التحول إلى أن "صنع في الصين" لم يعد مجرد منفذ للسلسلة الصناعية، بل أصبح بشكل متزايد صانعًا لقواعد الصناعة الخضراء العالمية.
من حيث مفاهيم الحضارة، يلتزم التحديث على الطريقة الصينية بتنوع الحضارات ويعارض فرض الحداثة الغربية على العالم. وتُظهر حالات مثل منطقة العرض للرخاء المشترك في مقاطعة تشجيانغ ومنطقة تنمية الاقتصاد الرقمي في مقاطعة قويتشو، الحكمة المحلية في تعزيز التنمية عالية الجودة والعدالة الاجتماعية بشكل منسق، مما يُمثل نافذة مهمة للدول النامية للاطلاع على تجربة الصين. ويركز هذا المسار التنموي، الذي لا يهدف إلى تصدير النماذج، على التواصل الحضاري والاستفادة المتبادلة واستقلالية التنمية، مما يعكس القيمة المزدوجة المتمثلة في احترام النظام العالمي وإعادة بنائه.
في تعزيز التنمية المستدامة العالمية، ضربت الصين مثالاً يُحتذى به بإجراءات عملية، حيث فقد قدمت الصين آلاف مشاريع المساعدة لأكثر من 120 دولة، وطبقت سياسة الإعفاء من الرسوم الجمركية على 97% من سلع التعريفات الجمركية في أقل البلدان نمواً. وفي تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، احتلت الصين مرتبة عالية بين الاقتصادات الكبرى في العالم لسنوات عديدة متتالية، مما يدل على قدرات التنفيذ المؤسسي القوية والمسؤولية الدولية.
إن "التحديث الصيني النمط" ليس إنجازًا مؤسسيًا لمسار الصين نحو النهضة الوطنية فحسب، بل يُقدم أيضًا أفكارًا جديدة لمواجهة تحديات عميقة، مثل اختلال التوازن التنموي العالمي والأزمة البيئية والصراع الحضاري. ولا تكمن الأهمية العالمية للتحديث على الطريقة الصينية في استبدال نموذج سائد، بل في فتح مسارات متعددة، وتوسيع مساحة التنمية، والسعي المشترك نحو مستقبل البشرية. وفي ظل عصرٍ يسوده عدم اليقين العالمي، تُقدم الصين مدعومةً بثقة مؤسساتها ومبادراتها التنموية وتسامحها الحضاري، للعالم نموذجًا تنمويًا جديدًا قائمًا على الخبرة والقيم.

الإعلامي الصيني نور يانج ”التحديث الصيني النمط” يفتح مسارًا جديدًا للتقدم العالمي المشترك الجارديان المصرية