الثلاثاء 5 أغسطس 2025 08:26 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

هيثم جويدة يكتب : على ورق طفل

الكاتب الكبير هيثم جويدة
الكاتب الكبير هيثم جويدة

قد لا يدرك الكبار أحيانا أن كتابا واحدا، بغلاف لافت ورسوم مبهجة وألوان دافئة، يمكن أن يكون سببا في أن يحلم الطفل، أن يسأل، أن يبحث، وربما أن يكتشف شغفه الأول فإن التصميم الجيد لكتاب طفل يمكن أن يغير طريقة تفكيره ويزيد من تركيزه ويطور ذوقه، ويجعله يقبل على التعلم بشغف لا ينطفئ، بل وقد يتجاوز تأثيره ليترك أثر طويل الأمد في حياته، فيمكن لكتاب مصمم بعناية أن يوقظ في داخله طموحا نائما ويجعله يتخيل نفسه ما بين طبيبا أو رساما او مهندس أو كاتب.. أن يزرع في قلبه فكرة عن مستقبله ويمنحه الحافز ليختار مهنته عن وعي مبكر، مدفوعا بالدهشة الأولى التي عاشها مع صفحات ذلك الكتاب، ولذلك حين يصمم كتب الاطفال يجب ان لا نكتفي بالاهتمام بالشكل وحده، بل يجب أن نراعي المحتوى بكل تفاصيله، لأننا نؤمن أن التصميم والمضمون معا يشكلان تجربة متكاملة تصنع فارق حقيقي في حياة الطفل، فالتصميم الجيد لا يجمل الفكرة فقط، بل يفتح لها أبواب الوصول ويمهد لها الطريق لتستقر في عقل الطفل وقلبه، لتبني وعيه وتوجه خياله وترسم ملامح مستقبله.
كل لون موضوع بعناية هو رسالة، وكل خط واضح هو دعوة، وكل رسم يضحك أو يطير أو يحكي، هو فرصة لأن يتعلم الطفل دون أن يشعر بأنه يتعلم ويعيش التجربة لا أن يقرأها فقط، ليتحول الكتاب إلى رفيق، إلى لعبة، إلى صديق، ويصبح سبب في تكوين شغف قد يرافق الطفل مدى الحياة وسيتذكر الطفل يوما شكل هذا الكتاب الذي جعله يضحك، أو يشعر، أو يتأمل.. وربما لن يتذكر القصة بالتفصيل، لكنه سيحتفظ في ذاكرته بذلك الغلاف الذي لفت انتباهه وتلك الصفحة التي أحب ألوانها، وهذه الصورة التي جعلته يسأل أسئلة جديدة.
الطفل الذي يعتاد على كتب مصممة باحترافية هو طفل تبنى في داخله حاسة فنية وذوق بصري وقدرة على التذوق الجمالي دون دروس مباشرة أو توجيه صارم، فيكفي أن نمنحه كتاب صادق النية.. مبهج الشكل.. عميق الفكرة، ليبدأ في اكتشاف العالم على طريقته الخاصة، فندعوا صانعي الكتب ونوجه لهم رسالة؛ انتم لا تؤلفون كتبا للأطفال فحسب، بل تصممون عقولا تنمو، وأرواح تتشكل ومستقبلا يبنى من أول صفحة.

رسالتنا: لكل طفل الحق في أن يحلم، ولكل حلم بداية ونحن نؤمن أن البداية الحقيقية قد تكون كتابا صمم له بمحبة، وكتب فيها محتوى يليق بوعيه، لنصنع له مستقبل من حبر وألوان.

هيثم جويدة على ورق طفل الجارديان المصرية