د. هانى المصرى يكتب : بين التخاذل والمواجهة.. مصر تصنع الفرق


فى زمن باتت فيه المواقف تُقاس بالمصالح، والضمائر تُغلف بالصمت، وقفت مصر لتُثبت مرة أخرى أنها ليست مجرد دولة في الخريطة، بل ضمير الأمة النابض وصوتها الذي لا يُشترى.
حينما اختار البعض الصمت، واكتفى آخرون بالتنديد الخجول، تحركت مصر حيث وجب الفعل، لا القول، لترسم الفارق بين من يتحدث عن القضايا، ومن يحملها على كتفيه.
مصر والدفاع عن القضايا العربية
القضية الفلسطينية: لم تتوقف مصر يومًا عن دعمها، لا بالبيانات، بل بالفعل والمبادرة. كانت مصر أول من فتح المعابر، وأول من قاد جهود التهدئة، وأول من استضاف الفصائل تحت سقف واحد. وحينما وقفت المنابر خرساء، كانت القاهرة تُنقل نبض غزة إلى العالم وتُسعفها حينما اشتد القصف والحصار.
ليبيا والسودان واليمن : بينما دخلت بعض القوى في لعبة النفوذ، وقفت مصر على مسافة واحدة من الشعوب، داعمة للحل السياسي، رافضة لتقسيم الأوطان، حاملة راية الاستقرار. وعندما اشتعلت الحروب الأهلية، كانت مصر ملاذًا للهاربين، ووسيطًا نزيهًا بين المتنازعين.
مصر صوت الاعتدال والحكمة
في المحافل الدولية، لم تُساوم مصر على المبادئ. رفضت الانجرار خلف الاستقطابات، ورفضت أن تتحول إلى أداة في يد أي محور. وبدلًا من ذلك، قدمت نموذجًا مستقلًا لسياسة متوازنة، تراعي مصلحة شعوب المنطقة، لا حسابات الأجندات الضيقة.
في وقتٍ صارت فيه بعض العواصم العربية منصات لتصفية الحسابات، اختارت القاهرة أن تكون منصة للصلح ولمّ الشمل.
مصر الإنسانية: صوت لا يُطفأ
حين انهارت المنظومات الصحية في بعض الدول المجاورة، كانت مصر ترسل قوافل طبية، وتستضيف الجرحى للعلاج.
حينما ضاقت البلاد بأبنائها، كانت مصر تفتح أبوابها، وتستقبلهم بكرم الضيافة، لا بعنصرية أو شروط مهينة.
صمت العالم... فتحركت مصر
في لحظاتٍ مفصلية، تكون الدولة العظيمة هي تلك التي تتجاوز حسابات الوقت، وتستجيب لنداء الإنسانية والتاريخ.
مصر لم تنتظر تصفيقًا، ولم تزايد على مواقفها. لكنها أثبتت، مرة تلو الأخرى، أن الكبار لا يحتاجون إلى ضجيج ليثبتوا قوتهم. يكفيهم الوقوف حين يجثو الآخرون.
وختاماً
عندما ننظر إلى المشهد العربي والدولي، ونرصد من تحرّك، ومن صمت، ومن تخاذل، سنجد مصر دائمًا في موقع الفعل لا الفرجة، المبادرة لا التردد، القيادة لا التبعية.
فهل آن الأوان لأن يُقال بوضوح:
شكرًا مصر ... حينما صمت الآخرون، كنتِ أنتِ الصوت والبوصلة.