السبت 16 أغسطس 2025 02:01 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الكبير محمد الشافعى يكتب: بداية ملغومة وانفجار وشيك في منظومة الكرة المصرية

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

اتحاد الكرة بين التضليل والإهمال المتعمد

الدورى المصرى للموسم 2025-2026 انطلق في 8 أغسطس وسط فوضى عارمة تكشف عمق الأزمة الهيكلية التي تعاني منها الكرة المصرية .

ما نشهده ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو انعكاس لسياسة منهجية من التضليل والإدارة العشوائية التي يمارسها اتحاد الكرة المصري بالتعاون مع بعض وسائل الإعلام.

اللافت هذا الموسم ليس فقط التراجع الفني الواضح، بل الفوضى التنظيمية والتطبيق الانتقائي للوائح والتحريض الإعلامي الممنهج الذي يهدد بانهيار المنظومة الرياضية بأكملها.

** التطبيق الانتقائي للوائح: معايير مزدوجة في مواجهة المخالفات

• خروقات جماهيرية.. عقوبات انتقائية

شهدت الجولة الأولى من الدوري مخالفات جماهيرية صارخة، حيث تعرض لاعبون لسباب جماعي من الجماهير، كما في مباراة سيراميكا كليوباترا والزمالك التي تم فيها تغريم نادي الزمالك 100 ألف جنيه بسبب "السباب الجماعي من جماهير الفريق للاعب فى فريق آخر " ، وفى نفس الجولة الأولى فى مباراة مودرن سبورت والأهلى تعرض لاعب مودرن سبورت للسباب والإهانة من جماهير الأهلى ، ولم يعاقب جمهور الأهلى ولم يكتب مراقب المباراة عن تلك الواقعة . . لكن الغريب هنا هو شرط اتحاد الكرة الغريب الذي يقضي بأن اللاعب المعتدى عليه يجب أن يتقدم بشكوى شخصية لكي يتم تطبيق العقوبات، وهو ما يعد تضليلاً واضحاً من مسؤولي الاتحاد الذى يكيل بمكيالين وتضيع اللوائح وهو ما صرح به السيد ثروت سويلمفى لقاء فضائى عبر الهاتف .

• إشكالية المراقبين الصامتين

- أين دور مراقب المباراة الذي يفترض أن يسجل هذه المخالفات تلقائياً؟

- لماذا يتم التعامل مع بعض الأندية بقسوة بينما تمر أندية أخرى من نفس المخالفات دون عقاب؟

النظام القائم يعتمد على المحسوبية والمجاملات، حيث يتم تطبيق العقوبات على بعض الأندية بينما تتغاضى اللجان عن مخالفات أخرى، خاصة إذا تعلق الأمر بأندية ذات نفوذ .. هذه الازدواجية في المعايير تدمر مبدأ العدالة الرياضية والمنافسة الشريفة وتؤجج الاحتقان بين الجماهير.

*عقوبات شكلية لا تردع المخالفين

رغم أن لائحة الدوري الجديد تتضمن عقوبات صارمة نظرياً، مثل:

1- غرامة 100 ألف جنيه وإيقاف لمباراتين للاعبين المدخنين أثناء المباراة

2-عقوبات تصل إلى 6 مباريات إيقاف و100 ألف جنيه غرامة على الإيماءات العنصرية

إلا أن التطبيق العملي يظل انتقائياً، مما يفقد اللائحة هيبتها ويشجع على تكرار المخالفات.

الأكثر غرابة هو أن غرامة "أغلى سيجارة في العالم" (100 ألف جنيه للاعب المدخن) تطبق بصرامة بينما يتم التغاضي عن مخالفات جماهيرية أكثر خطورة تؤثر على سير المباريات .

** الإعلام الرياضي: من التحريض إلى التهديد

• إعلام يغذي الفتنة بدلاً من إطفائها

تحول بعض وسائل الإعلام الرياضي من منابر لنقل الأحداث إلى أدوات تحريض وتأجيج للصراعات. هناك حالة صارخة لـ"أحد أكبر الإعلاميين في قناة خاصة" الذي تحول إلى محامي دفاع عن نادٍ معين ولاعب بعينه ، حيث:

- يهاجم كل من ينتقد أحد لاعبي النادي فنياً

- يتوعد الناقدين "بالويلات" وكأن النقد الفني جريمة لا تغتفر لأن اللاعب هو نجله

- يستفز جماهير الأندية الأخرى بدلاً أن يعمل على تصحيح المفاهيم

المفارقة الصادمة.. بينما ينشغل هذا الإعلامي بالتحريض، نجد صمتاً مطبقاً من:

( اتحاد الكرة المصري - اللجان المسؤولة عن الانضباط - المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام )

هذا الصمت المشبوه يشجع على استمرار هذه الممارسات ويؤكد وجود تواطؤ غير معلن

• ازدواجية المعايير الإعلامية

في الوقت الذي يتم فيه ملاحقة أي رأي نقدي تجاه بعض الأندية، نجد أن هناك مساحة كبيرة للهجوم على أندية أخرى ولاعبيها دون أي محاسبة .. هذه الازدواجية تخلق بيئة سامة:

( إعلام يمارس المحاباة بدلاً من الحياد - خطاب كراهية يمر دون رقابة )

• تحريض ممنهج يزيد من حدة التوترات بين الجماهير

الانهيار الفني والإداري .. بداية ضعيفة فنياً وإدارياً

رغم كل الوعود بالإصلاح، بدأ الدوري المصري بداية ضعيفة فنياً، حيث:

- غياب الرؤية الفنية واضح في أداء معظم الفرق

- الأخطاء التحكيمية الفادحة تتكرر دون محاسبة حقيقية

- الإدارة الرياضية تعتمد على المحسوبية لا الكفاءة

• الأرقام تكشف الفوضى

- في الجولة الأولى فقط، بلغت قيمة الغرامات 197 ألف و500 جنيه

- نادي الزمالك وحصل على أكبر غرامة (100 ألف جنيه) بسبب الجماهير

- مودرن سبورت تغرم 70 ألف جنيه بسبب مخالفات متعددة

هذه الأرقام تؤكد أن المشكلة ثابتة من قبل وليست عابرة.

• إدارة تعتمد على "المجاملات" لا الكفاءة

كما أشار نجم المنتخب المصري والنادي الأهلي السابق مصطفى يونس: "ما تعيشه الكرة المصرية هذه الأيام كارثة حقيقية بكل المقاييس.. نحن نعيش أزمة كروية من زمان، فلا يوجد نظام ولا تخطيط، وكل واحد بيعمل اللى عاوزه ويعين اللى عاوزه بحسب العلاقات" .

هذه الشهادة من أحد عمالقة الكرة المصرية تضع يدها على الجرح النازف ( تعيينات بالوساطة لا بالكفاء - • غياب التخطيط الاستراتيجي - هيمنة "المجاملات" على القرارات الرياضية ) .

** نداء استغاثة قبل الانهيار الكامل

الوضع الحالي للدوري المصري يشبه "برميل بارود" جاهز للانفجار في أي لحظة. الفساد الإداري، التطبيق الانتقائي للوائح، التحريض الإعلامي، والتراجع الفني كلها عوامل تدفع الكرة المصرية نحو الهاوية. الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هم:

- الرياضة المصرية التي تتراجع بمعدل ينذر بالخطر

- الجماهير التي تتحول من مشجعة إلى ضحية لهذه المنظومة الفاسدة

- المزاج الاجتماعي والثقافي الذي يتأثر سلباً بهذه الفوضى

هل من رشيد؟ .. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: من سينقذ الكرة المصرية من هذا المستنقع؟ الجواب يحتاج إلى:

1- إرادة حقيقية للإصلاح من قيادات اتحاد الكرة

2- محاسبة حقيقية للتطبيق الانتقائي للوائح

3- ضبط الإعلام الرياضي ومنع التحريض

4- اعتماد معايير الكفاءة بدلاً من المحسوبية في كل القرارات

بدون هذه الإجراءات الجذرية، ستستمر الكرة المصرية في السقوط الحر، وسيظل السؤال: إلى متى؟

محمد الشافعى بداية ملغومة وانفجار وشيك في منظومة الكرة المصرية الجارديان المصرية