الأحد 7 سبتمبر 2025 09:06 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

مدحت الشيخ يكتب : عته نتنياهو وصمود الشعب الفلسطيني

الكاتب الكبير مدحت الشيخ
الكاتب الكبير مدحت الشيخ

لم يعد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، بحاجة إلى دليل جديد يكشف حالة "العته السياسي" التي يعيشها منذ سنوات؛ فالرجل الذي يقدّم نفسه باعتباره حامي الأمن، يقود بلاده من مأزق إلى آخر، ويراهن في كل مرة على أن القوة العسكرية وحدها كفيلة بتركيع الشعب الفلسطيني. لكنه يكتشف – أو ربما يرفض أن يكتشف – أن هذا الشعب لم يُهزم يومًا رغم القصف والحصار والتهجير.

نتنياهو، الذي اعتقد أن الحروب هي الطريق إلى السلام، تجاهل أن القوة مهما بلغت لا تستطيع أن تنتزع حقًا ثابتًا أو تمحو ذاكرة شعبٍ عريق. فمنذ النكبة وحتى اليوم، مرّ الفلسطينيون بمراحل أشد قسوة، لكنهم ظلوا متمسكين بحقهم في الأرض والهوية. هذه الحقيقة هي ما يعجز نتنياهو عن استيعابها، أو يتعمد إنكارها، في استمرار واضح لحالة التوهان السياسي التي أوقعت حكومته في عزلة داخلية وخارجية.

المفارقة أن "عته نتنياهو" لا يتجلى فقط في سياساته تجاه الفلسطينيين، بل أيضًا في إصراره على إعادة إنتاج نفس الأخطاء التي ارتكبها أسلافه، وكأنه لم يتعلم من دروس التاريخ. فكل محاولة لفرض السيطرة بالقوة لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من المقاومة، وكل جدار فصلٍ بناه لم يزد الفلسطينيين إلا إصرارًا على التمسك بحق العودة.

أما الشعب الفلسطيني فقد أثبت عبر عقود طويلة أنه يملك سلاحًا أقوى من كل ترسانة الاحتلال: سلاح الصمود. فالأجيال المتعاقبة التي وُلدت تحت القصف والحصار لم تستسلم، بل حملت الراية وأبقت على القضية حيّة في وجدان العرب والعالم. لقد حاولت الحكومات الإسرائيلية طمس الهوية الفلسطينية، لكن المدارس والمساجد والبيوت البسيطة في غزة والضفة الغربية ظلت مصانع للذاكرة والمقاومة.

العالم اليوم يشاهد مشهدين متناقضين: الأول لزعيم يكرر الأخطاء ويعاند المنطق، حتى بدا وكأنه أسير أوهام الماضي، والثاني لشعبٍ أعزل إلا من إيمانه بعدالة قضيته، يواجه آلة الحرب بصبرٍ نادر وإصرارٍ استثنائي.

إن التاريخ لا يرحم، ومن يصر على إنكار الحقائق مصيره أن يُسجَّل في صفحاته السوداء. و"عته نتنياهو" لن يمحو أبدًا حقيقة أن الشعب الفلسطيني باقٍ، وأن الاحتلال إلى زوال.

مدحت الشيخ عته نتنياهو وصمود الشعب الفلسطيني الجارديان المصرية