طارق محمد حسين يكتب : السهر القاتل الصامت وآثاره المدمرة


تغير نمط الحياة العصرية وأصبح السهر ليلا عادة غير صحية، يغفل الكثير منا مخاطر السهر وقلة النوم، قلة النوم تسبب الأمراض النفسية والجسدية ، ولك ان تتخيل أنك تمتلك دواءً واحدًا يمكنه أن يقيك من السرطان والخرف والسكري والبدانة وأمراض القلب والعديد من الأمراض العقلية. تخيل أن هذا الدواء يستطيع أن يحسن ذاكرتك، ويعزز قدرتك على التعلم، ويجعلك أكثر جاذبية ويحافظ على مظهرك شبابيًا. تخيل أيضًا أن هذا الدواء آمن تمامًا للاستخدام، ولا يحتاج إلى وصفة طبية، وهو مجاني بالكامل ،هل ستأخذه؟ بالطبع نعم . حسنًا، هذا 'الدواء موجود ومتيسر ، إنه لا يأتي على شكل حبة دواء أو شراب، إنه (النوم) والمشكلة المأساوية هي أننا كمجتمع عصري نرفض تناوله. لقد أصبحنا مجتمعًا يعاني من نقص حاد في النوم، والنتائج كارثية ، لنأخذ مرض السرطان على سبيل المثال. لقد أظهرت الدراسات أن النوم لأقل من ست ساعات في الليل يرتبط بزيادة ملحوظة في خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والثدي والبروستاتا. لماذا؟ لأن أحد الأسلحة القوية لمحاربة السرطان داخل جسدك هي الخلايا القاتلة الطبيعية (Natural Killer cells)، وهي بمثابة جنود النخبة في جهازك المناعي. هذه الخلايا تهاجم وتدمر الخلايا السرطانية. ولكن عندما تقل ساعات نومك، تنخفض أعداد هذه الخلايا القاتلة بشكل كبير. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن خسارة ساعة واحدة فقط من النوم في ليلة واحدة يمكن أن تقلل من نشاط هذه الخلايا بنسبة تصل إلى 70%! ، أنت تجرد جيش جسمك الدفاعي من أقوى أسلحته بمجرد السهر، الأمر لا يتوقف عند السرطان. فقلة النوم هي أحد أكبر العوامل المؤثرة على تطور مرض الزهايمر، أثناء النوم العميق يقوم الدماغ بتنظيف نفسه عن طريق ما يشبه 'النظام الجليمفاوي' (glymphatic system)، الذي يغسل المخ من الفضلات والبروتينات السامة، بما فيها بروتين 'أميلويد بيتا' الذي يتجمع على شكل لويحات في أدمغة مرضى الزهايمر ، فعندما تسهر وتقلل من نومك، فإنك تحرم عقلك من فرصته اليومية في التنظيف الذاتي، مما يسمح لهذه السموم بالتراكم وزيادة خطر الإصابة بالخرف بشكل كبير، قلبك أيضًا هو ضحية أخرى للسهر. بعد ليلة واحدة من النوم القليل (أربع أو خمس ساعات)، يرتفع معدل ضربات قلبك، ويرتفع ضغط الدم، وتزداد هرمونات التوتر مثل الكورتيزول ، على المدى الطويل يصبح الشخص الذي ينام أقل من ست ساعات أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية بنسبة تصل إلى ٢٠٠% مقارنة بمن ينام سبع إلى ثماني ساعات ، باختصار السهر ليس وسام شرف ، بل هو عادة قاتلة بطيئة. إنه يقوض ويخل بكل نظام رئيسي في جسدك وعقلك ، كل عضو وكل عملية في جسمك تحتاج إلى النوم لتعمل بشكل صحيح. المجتمع يهتم بالسهر والإنتاجية على حساب النوم، لكن العلم يخبرنا بقصة مختلفة تمامًا ، لا يوجد جانب من صحتنا يمكنه الهروب من ضرر قلة النوم، ولا يوجد دواء أو عادة أخرى يمكنها أن تمنحك الفوائد المذهلة التي يمنحك إياها النوم الكافي ، أمراض قلة النوم هي حالات صحية تحدث بسبب نقص النوم، وتشمل مشاكل جسدية مثل زيادة خطر الإصابة بالسمنة، السكري، أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وضعف الجهاز المناعي . كما تسبب مشاكل نفسية كالاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى مشاكل معرفية مثل ضعف الذاكرة والتركيز، قد تكون قلة النوم نفسها عرضاً لأمراض أخرى كاضطرابات النوم، الألم المزمن، أو مشاكل الجهاز التنفسي ، وهناك أمراض ناتجة عن قلة النوم منها أمراض القلب والأوعية الدموية ، تزيد قلة النوم المزمنة من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية وأمراض القلب ، السمنة والسكري: تؤثر قلة النوم على هرمونات الجوع والشبع، مما يؤدي إلى زيادة الوزن وخطر الإصابة بالسكري ، ضعف المناعة: تضعف قلة النوم قدرة الجسم على مقاومة الأمراض المعدية، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى ، الاكتئاب والقلق: تؤدي قلة النوم إلى تغيرات في مستويات الهرمونات، خاصة هرمون الكورتيزول، مما يزيد من الشعور بالتوتر والقلق والاكتئاب ، وهناك أمراض يمكن أن تسبب قلة واضطرابات النوم: مثل انقطاع التنفس أثناء النوم أو متلازمة تململ الساقين،
الأمراض المزمنة: مثل مرض السكري، أمراض الجهاز التنفسي (مثل الربو) ، وآلام المفاصل المزمنة ، مشاكل صحية أخرى تسببها قلة النوم وتشمل الحساسية ونزلات البرد، مشاكل الجهاز الهضمي، وبعض الحالات النفسية مثل القلق ، وللوقاية من قلة النوم وعلاجها يجب تطبيق عادات نوم صحية
الالتزام بجدول نوم منتظم، تهيئة بيئة نوم مريحة ومظلمة، والحد من التعرض للشاشات قبل النوم ،لابد من تغيير نمط الحياة بممارسة الرياضة بانتظام مع تجنبها قبل النوم مباشرة ، وتجنب مشروبات الكافيين ليلا ، إذا استمرت مشكلة قلة النوم، يجب اللجوء لاستشارة طبيب وطلب المساعدة الطبية ، لاستبعاد أي حالات صحية كامنة، متعكم الله بالصحة والعافية.