د.هانى المصرى يكتب. : سقوط الأقنعة.. قوة عربية مشتركة ممنوعة أمريكياً ومصر تفضح التخاذل


رغم وضوح المشهد الدولي وتكرار الدروس التاريخية، ما زالت بعض الدول العربية تراهن على الحلف الأمريكي وكأنها لم تتعلم من تجارب الماضي. أمريكا التي تتخلى عن حلفائها عند أول اختبار، والتي تضع مصالحها الإستراتيجية فوق أي التزام أخلاقي أو سياسي، أثبتت مرارًا أنها لا تنظر إلى المنطقة العربية إلا كساحة نفوذ وموارد، لا كشركاء في المصير.
خيانة الحليف الأمريكي
من العراق إلى أفغانستان، ومن سوريا إلى الخليج، كانت الولايات المتحدة أول من ينسحب أو يساوم أو يبتز حلفاءها، لتتركهم في مواجهة المجهول. ومع ذلك، لا يزال بعض الساسة العرب يسيرون خلف الأوامر الأمريكية، حتى وصل الأمر إلى إفشال أي نقاش جاد حول مشروع إنشاء قوة عربية مشتركة، وهو المشروع الذي كان من الممكن أن يعيد للأمة العربية والإسلامية هيبتها ويضع حدًا للتبعية المطلقة للقوى الأجنبية.
مصر... الاستثناء العربي
وسط هذا التخاذل، تظل مصر الاستثناء الحقيقي. فهي الدولة الوحيدة التي تمتلك الإرادة السياسية والرؤية الواضحة لمستقبل الأمة، وتضع القضايا المصيرية في دائرة الضوء دون خوف أو مجاملة. القيادة المصرية أعلنت بوضوح أن الحفاظ على الأمن القومي العربي لا يمكن أن يكون رهينة للقرار الأمريكي أو لمساومات القوى الكبرى.
جيش مصر، الذي أثبت أنه صمام الأمان في مواجهة الفوضى، يقف عقبة كبرى أمام أطماع إسرائيل ونتنياهو، ويؤكد أن التوازن الإقليمي لن يُكسر طالما أن لمصر جيشًا وشعبًا متماسكًا.
ومازال الشعب المصري... ركيزة القوة
إن تلاحم الشعب المصري مع جيشه وقيادته يمثل معجزة سياسية واجتماعية في المنطقة. ففي الوقت الذي تُفتت فيه بعض الدول من الداخل، وتُشعل فيها النزاعات الطائفية والعرقية، يظهر الشعب المصري كتلة واحدة خلف دولته، يمدّها بطاقة من الصمود والعزم، ليغدو بحق ترياق القوة الذي يغذي الدولة المصرية ويجعلها عصية على محاولات الإضعاف أو الانهيار.
ما بين رهان خاسر... وبديل واجب
إن رهان بعض الأنظمة العربية على الحماية الأمريكية ليس فقط رهانًا خاسرًا، بل هو انتحار سياسي يجرّد الأمة من قوتها ويضعها تحت وصاية خارجية لا ترحم. البديل الحقيقي يكمن في بناء قوة عربية مشتركة، تضمن استقلال القرار العربي، وتحمي مقدرات الشعوب، وتعيد للعالم العربي مكانته وهيبته.
وتبقى مصر في قلب المعركة
اليوم، ومع تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، تتقدم مصر الصفوف، حاملة لواء الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية. فهي تخوض معركة وعي بقدر ما هي معركة وجود، وتدرك أن الحفاظ على استقلال القرار العربي هو الطريق الوحيد لبناء مستقبل مختلف، لا مكان فيه للهيمنة الأجنبية ولا للأوهام الأمريكية.
مصر لا تراهن إلا على أبنائها، وشعبها هو الحليف الحقيقي، وجيشها هو السند، وقيادتها هي منارة القرار. أما الآخرون، فما زالوا أسرى رهان خاسر على حليفٍ لا يعرف إلا لغة المصالح.