الخميس 2 أكتوبر 2025 11:39 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : (مش دى مصر)

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

إذا سلّمنا أن الفن مرآة المجتمع ، تعكس صورًا حقيقية من حياته ، عاداته وتقاليده ، وتطوره الاجتماعي، فهذا يعني أن جميع المصريين أو معظمهم عند كتاب ومؤلفي الأعمال الفنية من أفلام ومسلسلات ومَن يخرج لهم ليسوا كما صوروهم في أعمالهم ، وإلا فأين في أعمال هؤلاء صورة الإنسان المصري البسيط المعتدل دينيا ،المتزن اخلاقيا المتمسك بدينه وبأخلاقه ، وعاداته وتقاليده ، لكن يبدو أن هناك مخطط خفي يكرّسً كل طاقته وامكانياته وذكاءه وأعماله لخدمة هدفين أساسيين ، كلاهما يهدف لهدم قيم المجتمع وطمس الهوية، متخذا ومُتسلحًا بما يُسمونه حرّية الفن والتعبير ، ومتخذًا من الإضحاك والسخرية ونشر أسلوب البلطجة والعنف وسيلة لتنفيذ هذا المخطط والتشتيت والإلهاء عن قضايا المجتمع الحقيقية .
وأما الهدف الأوّل: فهو تجريد المجتمع المصري والعربي والإسلامي من قيمه ومبادئه وأخلاقه عموما ، وفيما يتعلق بالمرأة وحجابها وحشمتها وحياؤها، وتهميش وتحقير دور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع ، والتهوين من شأن الاحتشام والتشجيع على الاختلاط المنفلت ، وإزاحة الستار بين الرجل والمرأة ، فقلما نجد عملا فنيا بلا علاقات أو قُبلات وأحضان أو إيحاءات جنسية لتصوير مشهد رومانسي أو كوميدي، فقواعد علم الاجتماع تقول: ما تكرر تقرر ، فإذا اعتاد البيت المصري أو العربي على تفاوت فئات مجتمعاته ، وتباين ثقافاته على الجلوس أمام عمل من تلك الأعمال المسيئة الهابطة ، أو المليء بتلك المشاهد الفاضحة، قل استنكارهم لها بل واعتادت العين عليها وتحركت الغرائز والشهوات على ضوءها، وأصبح ما حدث في المشهد أمرًا عاديا تراه العين ولا تنكره الغريزة ، ويستقبله القلب ولا يرفضه العقل ،
وأما الهدف الثاني: فهو تشويه صورة الإسلام ، واختزال الإنسان المصري في صورة البلطجي عابث الوجه صاحب الأفكار المنغلقة والعدوانية، الذي يكن العداوة للمجتمع، وكأنه يمثل كافة أطياف المجتمع المصري علي غير الحقيقة ، وفي نفس الوقت هو الشهوانيّ الذي يفعل عكس ما يقول، ويكذب ويتحرّش، أو العبيط التافه الساذج الذي يتحدث لغة مشوّهة ، لا هي بالعربية الفصيحة ولا العامية المُعتادة ، حتى غدت صورة المصري في أذهان كثير من الشعوب العربية ما صوّرته أفلامنا ومُسلسلاتنا، فإذا سلمنا أن هناك فئة من الشعب منحرفة شاذة تتخذ الاجرام وسيلة للعيش ، وتحمل أفكارًا مسمومة، فهذه القلة موجود بشتي المجتمعات والدول ، ولأن الرسالة واضحة وخطيرة ، والاتجاه معروف، لابد من تكاتف الجهات المسئولة عن الإعلام والفنون لتنقية الساحة الفنية من الغث والفاسد، وتقديم فن رفيع يعبر عن مصر وشعبها ، ليظل الفن المصري قوة مصر الناعمة ،
من يعمل علي تشوّيه صورة المصريين ، الأقوى تأثيرًا، والألد عداوة، والأكثر جرأة، بنشر الضلال والفسق والإساءة والتشويه والتجني على المجتمع المصري، فإذا كان في مجتمعنا مغيبون وفاسدون يتربحون ويعتقدون ويصدقون أن هذه هي صورة الشعب المصري بمشاهد الأحضان والقبلات وبالكلام الخارج والأفكار المتطرفة، حتي الاغاني حدث ولا حرج فاغلبها كلمات ركيكة تهبط بالذوق العام، فإن علينا أن نقدم للأجيال الحالية و القادمة فنا يخدم قضايا المجتمع لا أن يغيبه ويشوهه ويفقده هويته التي لطالما احتفظ بها ، وأن اغلب اعمال الفن الحالي لم تقدم شيئا نافعا للناس، لا ترفيه ولا غرس قيم وفضائل ، بل روجت لنشر العنف والبلطجة والعري وهو وصمة عار في جبين الأمة المصرية ، رحم الله رموز الفنّ والأدب في المجتمع بما قدموه من فن جيد عاش نبعا للأجيال لا يخجل أن يشاهده أو يسمعه أفراد الأسرة كبيرا وصغيرا .

طارق محمد حسين (مش دى مصر) الجارديان المصرية