الأربعاء 22 أكتوبر 2025 06:48 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وصفى هنرى يكتب من فيينا: مهرجان الجونة… سينما بلا سينما

الكاتب الكبير وصفى هنرى
الكاتب الكبير وصفى هنرى

كنت أتابع مقال صديقي الصحفي الكبير حسن عيسى Hassan Eissa الذي انتقد فيه المذيعة لميس الحديدي، عندما قالت للممثلة امينة خليل أثناء لقاء لهم“حلقِك جميل”فردّت الفنانة مبتسمة “ده من زارا.” عندها شهقت لميس وهي تسألها بانفعال طفولي: “بتهزرى يا امينة معقول بتلبسي من زارا؟
توقفت أمام المشهد وقلت في نفسي:
هل وصل بنا الإعلام إلى هذه المرحلة من السطحية؟ هل صارت الحوارات التلفزيونية عن الماركات بدل الأفكار؟
تذكرت فورًا كما ذكر حسن عيسى مذيعات الزمن الجميل مثل ليلى رستم وأماني ناشد وسلمى الشماع…
كنّ يهمسن في حواراتهن بأصوات هادئة، ونبرات يزينها الوقار، وثقافة تُثري العقول قبل أن تُرضي العيون.
كانت مواضيعهن تُختار بعناية وتُناقش باحترام، فلا يُشعر المشاهد أنه أمام عرض أزياء، بل أمام حوار فكري راقٍ يُضيف لا يُفرّغ.
لكن ليّ رأي آخر مختلف صديقي العزيز ، وهو أن وسائل الإعلام اليوم لم تعد تهتم بالمضمون بقدر ما تهتم بالمظهر.
صرنا نتابع أخبار الفنانات من زاوية الفساتين والمكياج وتسريحات الشعر، لا من زاوية الفن والإبداع ، بل صارت الكاميرات تلاحق الفساتين التي “تطير في الهواء”، ويتسابق الفضوليون لمعرفة لون “البانتي”، بينما تتصدّر عناوين المواقع قصص من نوع:
“كيف أنقذت فنانة زميلتها بعد أن انفتحت سوستة فستانها فجأة رماد يسقط فستانها من على جسدها!”
المفترض أن مهرجان الجونة مهرجان للسينما، وهنا أتساءل:
أين المهرجان؟ وأين السينما؟
ما هي الأفلام التي عُرضت؟ وأين النقاد الذين ناقشوها؟
من الذي فاز بجوائز التمثيل والإخراج والإنتاج والموسيقى التصويرية وجائزة احسن قصة وأفضل سيناريو كذلك افضل إضاءة .
لقد تحوّل مهرجان الجونة إلى حفلة خاصة للاستعراض أكثر من كونه تظاهرة فنية ، ضيوف يتنافسون على الظهور أمام الكاميرات ، وأحاديث لا تنتهي عن من حضر مع من، ومن غابت عن زوجها، ومن أشعلت مواقع التواصل بإطلالتها الجديدة.
أصبح المهرجان في صورته الحالية ماركة اجتماعية، لا مهرجانًا سينمائيًا ، منصة لعرض الأزياء والهيئات أكثر من عرض الأفكار والأفلام.
السينما، التي يُفترض أن تكون في الصدارة، تراجعت إلى الصفوف الخلفية، لتحلّ محلها ثقافة “التريند” واللقطة السريعة.
لكن الأمل مازال قائمًا.
فعودة مهرجان الجونة إلى دوره الحقيقي ممكنة لو أعيدت البوصلة إلى مكانها الطبيعي: نحو الفن السابع لا نحو السجادة الحمراء.
يبدأ ذلك باختيار لجان تحكيم محترفة مستقلة، وبرمجة أفلام ذات قيمة فكرية وإنسانية، مع تكريم المبدعين الحقيقيين من كتّاب ومخرجين وفنيين، لا فقط من يجيدون الوقوف أمام الكاميرات.
عندها فقط، يمكن أن يعود المهرجان من كونه «عرض أزياء موسمي» إلى احتفالية حقيقية بالسينما…
تلك التي تصنع الوعي والجمال، وتستحق التصفيق لا التصوير.
فحتى هذه اللحظة، أرى ضجيجًا ولا أرى طحناً.


#وصفى هنري
ڤيينا ١٢ بابه ٦٢٦٧
٢٢ اكتوبر ٢٠٢٥
اللقطة للفنانتان الجميلتان يسرا ومنة شلبي اللتان أحبهما جدا ، ومبروك يسرا ٥٠ سنة سينيما

6ef4f7f65405.jpg
وصفى هنرى مهرجان الجونة… سينما بلا سينما الجارديان المصرية