دكتور علاء الحمزاوى يكتب : كيف حافظ الإسلام على البيئـة
ــ البيئة هي المكان الذي يحيط بالإنسان ويكون مؤهَّلا للحياة فيه، ويشمل الغذاء والهواء والماء والتربة بما فيها؛ ولذا توصف البيئة بأنها الرحم الثاني والأم الكبرى على أن الرحم الأول هو رحم الأم وهو ملائم لحياة الجنين فيه فكذلك البيئة رحم يجب أن يكون ملائما لحياة المجتمع فيه، وكل مولود له أم تحتضنه، والبيئة أم تحتضن المجتمع كله، والحفاظ عليها مظهر حضاري يعكس وعي المجتمع بضرورة توفير بيئة جيدة تحافظ على حياة الإنسان وصحته، وقد اعتنى الإسلام بكل ما يؤدي إلى الحفاظ على حياة الإنسان وصحته، فاستنبط العلماء من القرآن والسُّنة قواعد فقهية عامة لحل المشاكل التي تهدد حياة الإنسان، منها "لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ"، و"الضرر يُزال"، و"درء المفاسد مقدَّم على جلب المنافع"، و"الموازنة بين المصالح"، و"ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام"، والمستهدف من هذه القواعد أن كل إنسان حـرُّ التصرُّف فيما يملك إذا انعدم الضرر، فإذا حدث ضرر شخصي أو مجتمعي يحق لولي الأمر التدخل لمنع ذلك الضرر وإلزام المستفيد بإزالته، فإذا كان استغلال موارد البيئة يحقق منفعة لشخص لكن يتسبب في ضرر مساوٍ أو أكبر لغيره لا يُسمَح له بذلك، ويُعـدُّ استغلاله لموارد البيئة حراما.
ــ وحرص الإسلام أن تكون البيئة جيدة خالية مما يشوِّه جمالها ورونقها، فأمـر بحماية مكوناتها من تربة وماء وهواء وغذاء، فحارب التصحُّر بالحث على إعمار الأرض، فقال النبي: «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقّ بِهَا»، حتى لا تظل الأرض بُـورا لا يُنتفَع بها، ونهى الإسلام عن تخريب الأرض؛ لأن تخريبها تدمير للبيئة المؤهِّلة للحياة؛ فقال الله: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}، وأمر الإسلام بإماطة الأذى من الطريق حفاظا على بيئة نظيفة جميلة، فقال النبي: «أَمِطِ الأذى عن الطريقِ؛ فإنه لك صدقةٌ»، بل جعل الإسلام المحافظة على جمال البيئة إحدى شُعب الإيمان، فجاء في الحديث «الإيمانُ بِضعٌ وسبعون شُعْبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ»، كما أمر الإسلام بالنظافة والطهارة، فجاء في سُنن الترمذي «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ».
ــ واعتنى الإسلام بالماء، فنهى عن تلويثه والإسراف فيه، ففي الحديث «مرَّ النبي بسعد بن أبي وقَّاص وهو يتوضأ فقال: ما هذا السَّرَفُ يا سَعْدُ؟ فقال: أفي الوُضوءِ سَرَف؟ قال: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ»، و«نَهَى النبي أن يبولَ الرجلُ في الماءِ الدائمِ أو الراكدِ ثم يتوضّأ منهُ أو يغتسلُ منهُ»، ويُحمَل على البول إلقاء الـمُخلَّفات كالقمامة والحيوانات النافقة ونفايات الصناعة في الماء، والعلة حماية الماء من أن يكون مَوطِنا للأمراض والأوبئة التي تضر بالناس والمواشي والأسماك.
ــ واعتنى الإسلام بحماية الهواء من التلوث ليكون نقيًّا؛ لأنه جزءٌ من البيئة لا يقلُّ أهمية عن الماء، فأمر الإسلام بالتشجير؛ لأن كثرة الزرع تزيد نسبة الأكسجين وتجعل الهواء نقيا، فقال النبي: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، ونهى الإسلام عن قطع الشجر أو حرقه؛ لأن ذلك يقلِّل الأكسجين ويلوث الهواء، ويشوه جمال البيئة ويحرم الناس والحيوانات الاستفادة منه، فقال النبي: «لا تَقْطَعُوا الشَّجَرَ؛ فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ لِلْمَوَاشِي فِي الجَدْبِ».
ــ ولأن الحيوان من مكوِّنات البيئة المؤهلِّة للحياة في الأرض؛ فهو أحد عناصر الغذاء للإنسان اعتنى الإسلام به كثيرا؛ فجاء في الحديث «مرَّ النبي ببعير قد لحق ظهره ببطنه (كناية عن شدة الجوع)، فقال: اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً»، وقال: «إنَّ اللَّهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ فإذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلةَ وإذا ذبحتُم فأحسِنوا الذِّبحةَ وليُحدَّ أحدُكم شفرتَهُ وليُرِح ذبيحتَه»، ونهى الإسلام عن اللعب والتمثيل بالحيوان، فرُوي «أن ابنَ عمر مَــرَّ بفِتْيَةٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا، فقَالَ: مَن فَعَلَ هذا؟ لَعَنَ النَّبيُّ مَن مَثَّل بالحيوانِ»، وأمر الإسلام بالحفاظ على سلالات الحيوانات لتحقيق التوازن البيئي، فقال النبي: «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا»، فالمعنى أن النبي كرِهَ إفناءَ أمةٍ مِن الأمم وإعدام سلالة مِن الخلق؛ لأنه ما مِن خلقٍ لله إلَّا وفيه حكمة ومصلحة للناس.












حكم رادع: السجن 5 سنوات لمتهم بـ ”الابتزاز الإلكتروني ونشر الصور” في...
الأمن يكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص يتعدى لفظيا على راكب بالشرقية
القبض على سائق تابع لتطبيق نقل ذكي تحرّش بسيدة أجنبية في الجيزة
الإعدام شنقًا لطالب قتل زوجته بأسيوط
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..
استقرار أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الاحد 23-11-2025
أسعار الذهب اليوم الأربعاء فى محلات الصاغة