الجامعة العربية تدق ناقوس الخطر: جرائم ”وحشية” بالفاشر وتحدٍ صارخ للسلام

أعربت جامعة الدول العربية عن قلقها العميق والمتزايد إزاء التدهور السريع والمفاجئ للأوضاع الإنسانية والأمنية في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان. يأتي هذا القلق في أعقاب تصعيد عسكري واسع النطاق في المنطقة، وما صاحب ذلك من ورود تقارير إعلامية وحقوقية موثوقة توثق ارتكاب "جرائم مروعة" وفظائع جسيمة ضد السكان المدنيين المحاصرين.

إدانة الجرائم الوحشية وانتهاك القانون الدولي

وفي بيان صارم صادر عن الأمانة العامة للجامعة، أدانت الجامعة العربية بأشد العبارات الممكنة ما وصفته بـ "الجرائم الوحشية" التي تُرتكب ضد المدنيين الأبرياء. وقد ركز البيان على الانتهاكات الصارخة التي طالت الفئات الأكثر ضعفاً، ولا سيما النساء والأطفال، مما يشير إلى أن هذه الأعمال ليست مجرد آثار جانبية للقتال، بل هي استهداف مباشر للمدنيين غير المشاركين في الأعمال العدائية، وهو ما يؤكد على الطبيعة الإجرامية لهذه الاعتداءات.

وأكدت الجامعة بوضوح أن هذه الأفعال العدوانية والجرائم تشكل انتهاكاً صارخاً للمبادئ الأساسية والقواعد الآمرة للقانون الدولي الإنساني، وهو ما يستلزم تدخلاً دولياً عاجلاً وحازماً لوقف هذه التجاوزات التي تهدد بتدمير النسيج الاجتماعي للمدينة. علاوة على ذلك، أشارت الجامعة إلى أن هذه الانتهاكات تمثل استخفافاً غير مقبول بقرارات الشرعية الدولية، وتحديداً قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2736 لعام 2024. هذا القرار، الذي طالب المجتمع الدولي بوقف القتال، شدد بشكل خاص على ضرورة رفع الحصار المفروض على المدينة وضمان حماية المدنيين، وهو مطلب تتناقض معه أعمال العنف المستمرة بشكل مباشر، مما يؤكد أن جهود السلام تواجه تحدياً كبيراً على الأرض.

تهديد للجهود الدولية وركيزة للاستقرار الإقليمي

وأكدت الجامعة العربية أن ما يحدث في الفاشر الآن، من تصعيد وعنف ممنهج، يمثل تحدياً صارخاً للجهود الدولية والإقليمية كافة، التي بُذلت لإحلال سلام شامل ومستدام في السودان. إن استمرار هذا النزيف وتفاقم الأوضاع الإنسانية يهدد بتقويض أي تقدم دبلوماسي، ويدفع البلاد نحو مزيد من الفوضى والانهيار.

ومن منظور استراتيجي أوسع، شددت الجامعة على أن استقرار السودان ووحدة أراضيه ليسا مجرد قضية داخلية، بل يمثلان ركيزة أساسية لأمن واستقرار الإقليم العربي بأكمله ومحيطه الجيوسياسي. هذا الموقف يضع الأزمة السودانية في صدارة الأولويات الإقليمية، ويستوجب تحركاً عربياً ودولياً منسقاً وعاجلاً لمنع انتقال تداعيات الصراع إلى دول الجوار.

مطالب الجامعة: وقف العنف والمحاسبة الفورية

في ختام بيانها، جددت الجامعة العربية دعوتها العاجلة والمشددة للوقف الفوري والكامل لأعمال العنف كافة دون أي شروط مسبقة، لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح.

وطالبت الجامعة بضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مؤكدة على أهمية تأمين الممرات الإنسانية على الفور للوصول إلى السكان المحاصرين والنازحين، الذين يواجهون مجاعة ونقصاً حاداً في الإمدادات الأساسية. إن ضمان تدفق المساعدات الإنسانية يشكل أولوية قصوى لا يمكن تأجيلها.

كما دعت الجامعة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة بحق السكان المدنيين بموجب القانون الدولي، مشددة على أن مبدأ الإفلات من العقاب يجب ألا يسود في وجه هذه الفظائع. وفي الختام، وجهت الجامعة نداءً عاجلاً لجميع الأطراف المتحاربة في السودان لتغليب لغة الحوار على التصعيد العسكري، وتفعيل الجهود السياسية الإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم وإعادة الأمن والسلام إلى الجمهورية السودانية.