الخميس 30 أكتوبر 2025 12:38 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى يكتب: مِصْرُ .. تهْدِي لِلْعَالَمِ لُؤْلُؤَةً ثَمِينَةً مِنْ صَنْعَةِ التَّارِيخِ

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

** تَتَجَسَّدُ فِي أَرْضِهَا قِصَّةُ الإِنْسَانِيَّةِ وَالحَضَارَةِ، فَمَا أَنْ تَطَأَ قَدَمَاكَ تُرْبَتَهَا حَتَّى تَسْتَشْعِرَ نَسَمَاتِ التَّارِيخِ تَهُمُسُ فِي أُذُنِكَ بِأُمَجِ المَاضِي، وَتَتَنَفَّسَ رُوحَ العُظَمَاءِ الَّذِينَ صَنَعُوا مِنْ هَذِهِ البُقْعَةِ مُعْجِزَةً خَالِدَةً عَلَى مَرِّ العُصُور.

** هَذِهِ هِيَ مِصْرُ.. الَّتِي تَهْدِي لِلْعَالَمِ لُؤْلُؤَةً ثَمِينَةً مِنْ صَنْعَةِ التَّارِيخِ، هِيَ "قِصَّةُ حَضَارَةٍ" تَمْتَدُّ لِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ آلاَفِ عَامٍ، لَا تَزَالُ تَنْبَضُ بِالحَيَاة. لَيْسَتْ سِنِينَ مِنَ الصَّمْتِ، بَلْ هِيَ أَلْفَ عَامٍ وَأَلْفَ عَامٍ مِنَ "العِلْمِ" الَّذِي أَنْارَ الدُّنْيَا، وَمِنَ "العَمَلِ" الدَّؤُوبِ الَّذِي بَنَى الأَبْهَى، وَمِنَ "الإِنْسَانِيَّةِ" الَّتِي جَسَّدَتْ أَسْمَى مَعَانِي العَقْلِ وَالرُّوحِ.

** وَهَا هِيَ الْيَوْمَ، كَعَادَتِهَا دَائِمًا، تَتَحَفُ الْعَالَمَ بِأَعْظَمِ هَدِيَّةٍ: المَتْحَفُ المِصْرِيُّ الكَبِيرُ، وَقَدِ ارْتَدَى حُلَّةً بَهِيَّةً يُجَسِّدُ حَضَارَةَ الْقُدْمَاءِ بِعِبَقَرِيَّةِ الْحَدِيثِينَ. يَقِفُ هَذَا الصَّرْحُ الْعَظِيمُ بِإِجَازَةٍ أُخْرَوِيَّةٍ أَمَامَ أَهْرَامَاتِ الْجِيزَةِ، لِيَرْوِيَ حِكَايَةً فَرِيدَةً لَمْ تَتَكَرَّرْ فِي تَارِيخِ البَشَرِ: حَيْثُ يَلْتَقِي مُلْكُ المَاضِي السَّاحِرُ مَعَ إِبْدَاعِ الْحَاضِرِ الْوَاثِقِ. فَلْيَنْظُرِ الْعَالَمُ إِلَى هَذَا الْمَشْهَدِ الْخَالِدِ، وَلْيَعْلَمْ قَدْرَ مِصْرَ وَشَعْبِهَا الَّذِي حَفِظَ الأَمَانَةَ وَصَانَ التُّرَاثَ وَبَنَى لِلْغَدِ.

** إِنَّ مِصْرَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ بَلَدٍ فِي خَرِيطَةٍ، بَلْ هِيَ كِتَابٌ مَفْتُوحٌ تَسْطُرُ فِي صَفَحَاتِهِ تَارِيخًا مُسْتَمِرًّا عَلَى مَرِّ الْقُرُونِ. فِي كُلِّ حِقْبَةٍ زَمَنِيَّةٍ، وَفِي كُلِّ مِنْعَطَفٍ مِنْ مَنَاعَطَفِهَا، تُعْطِي الْعَالَمَ دُرُوسًا إِنْسَانِيَّةً عَالِيَةً: دَرْسًا فِي الصَّبْرِ وَالْجَلَدِ، وَدَرْسًا فِي الْبِنَاءِ وَالْإِبْدَاعِ، وَدَرْسًا فِي التَّسَامُحِ وَالتَّعَايُشِ. هَذِهِ الدُّرُوسُ لَمْ تَضَعْهَا "أَرْقَى الْحَضَارَاتِ" فَحَسْبُ، بَلْ هِيَ مِنْ صُنْعِ "أَعْظَمِهَا" عَلَى الإِطْلَاقِ.

** فَسَلاَمٌ عَلَيْكِ يَا مِصْرُ، يَا أُمَّ الدُّنْيَا وَمَهْدَ الْحَضَارَاتِ. سَلاَمٌ عَلَى أَرْضِكِ الَّتِي تَتَحَدَّثُ بِكُلِّ لُغَاتِ الْعَالَمِ، لُغَةِ الْفَنِّ وَالْجَمَالِ، وَلُغَةِ الْعِلْمِ وَالْمِعْمَارِ، وَلُغَةِ الْقِيَمِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ. إِنَّ حَكَايَتَكِ هِيَ حَكَايَةُنَا الْجَمِيعَةُ، وَإِنَّ فَخْرَنَا بِكِ هُوَ فَخْرٌ بِكُلِّ مَا هُوَ نَبِيلٌ وَجَمِيلٌ فِي هَذِهِ الْحَيَاة.

محمد الشافعى مِصْرُ .. تهْدِي لِلْعَالَمِ لُؤْلُؤَةً ثَمِينَةً مِنْ صَنْعَةِ التَّارِيخِ الجارديان المصرية