الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 05:06 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى يكتب : التمزق العربي ..هل من أمل في الاتحاد قبل فوات الأوان؟

 الكاتب الكبير محمد الشافعى
الكاتب الكبير محمد الشافعى

تمر الأمة العربية بمرحلة من أقسى مراحل تاريخها، تميزت بالتمزق والصراعات والخلافات التي أنهكت قواها واستنزفت مواردها. والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا كل هذا التمزق مع أن العرب يجمعهم لغة واحدة وتاريخ واحد وعقيدة واحدة في غالبيتهم؟

جذور الأزمة

إن مشكلة التمزق العربي ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية تعود إلى مرحلة ما بعد سايكس بيكو وتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات تحت السيطرة الاستعمارية. لكن هذه المشكلة تفاقمت بشكل كبير في العقود الأخيرة.

الفوضى الخلاقة والربيع العربي

مع بداية الألفية الثالثة، وتحديداً في عهد جورج بوش الابن، شهدت المنطقة تحولاً خطيراً تمثل بغزو العراق وتفتيته، ثم جاءت نظرية "الفوضى الخلاقة" التي تحدثت عنها كونداليزا رايس كإستراتيجية لإعادة تشكيل المنطقة وفقاً لمصالح القوى الكبرى.

وجاء ما يسمى "الربيع العربي" ليكون الأداة التنفيذية لهذه الإستراتيجية، حيث تحولت المطالب المشروعة للشعوب إلى فوضى عارمة أدت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وتدمير الدول، وإشعال الحروب الأهلية والطائفية، وتقسيم الدول إلى كانتونات متناحرة.

الاستغلال الخارجي

في هذا الجو المشحون بالصراعات، وجدت أمريكا وأوروبا وإسرائيل الفرصة سانحة للتدخل في شؤون المنطقة، فقامت بإشعال الصراعات بين الدول العربية، وتأجيج النزاعات الطائفية والإثنية، ودعم جماعات متطرفة، وتحويل المنطقة إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية.

هل من أمل في الاتحاد؟

رغم كل هذه التحديات، فإن الأمل في تحقيق الوحدة العربية لا يزال قائماً، لكنه يحتاج إلى:

1. إرادة سياسية حقيقية من قادة العرب لتحقيق المصالحة العربية الشاملة.
2. وعي شعبي يدرك مخاطر التمزق والصراعات ويطالب بوحدة الصف.
3. إستراتيجية عربية مشتركة لمواجهة التحديات الخارجية والتدخلات الأجنبية.
4. تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك وتطويرها لتكون قادرة على معالجة القضايا المصيرية.
5. التركيز على القواسم المشتركة وتجاوز الخلافات الثانوية.

** وفى النهاية

إن الوحدة العربية لم تعد خياراً فحسب، بل أصبحت ضرورة وجودية لمواجهة التحديات الخطيرة التي تهدد كيان الأمة ومستقبلها. والساعة الآن هي ساعة الصحوة واليقظة قبل أن يفوت الأوان، فالأمة التي تتحد لا يقوى عليها أحد، والأمة التي تتفرق تكون لقمة سائغة لأعدائها.

الوحدة ليست شعارات ترفع، بل هي قرار يتخذ، وإرادة تتحقق، ومصير يُصنع.

التمزق العربي ..هل من أمل في الاتحاد قبل فوات الأوان؟ محمد الشافعى الجارديان المصرية