الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 12:56 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. عبدالله زلطة يكتب : حكاية وثيقة غيرت مجري تاريخ قناة السويس !

د. عبدالله زلطة
د. عبدالله زلطة

في مثل هذه الأيام من عام 1925 , أي منذ مائة عام ، كانت مجلة "روزاليوسف " ، التي أنشأتها السيدة فاطمة اليوسف ، تخطو أولي خطواتها في عالم الصحافة . وبهذه المناسبة ، تجدر الاشارة الي وثيقة مهمة انفردت "روز اليوسف" بنشرها ، وكان لهذا النشر دور مهم في إحباط مؤامرة مد امتياز قناة السويس لعام 2028 ؟ .. فما قصة تلك الوثيقة ؟ وما أهميتها ؟ وماذا حوت ؟ في شهر فبراير عام 1933 فوجئت حكومة اسماعيل صدقي باشا بمجلة "روزا اليوسف" تباع في الأسواق وبها وثيقة على درجة كبيرة من الأهمية حول اتفاق مد امتياز قناة السويس ، وقعته شركة القناة مع الحكومة المصرية ، وينص على أن تنتهي مدة الامتياز في عام 2028 بدلا من عام 1968 ! صدر عدد "روزا ليوسف" بتاريخ 13 فبراير 1933 يحوي مشروع اتفاق بين وزارة اسماعيل صدقي باشا وشركة قناة السويس ، وكان وراء الحصول على تلك الوثيقة الصحفي الشاب مصطفى أمين ، الذي تمكن من الحصول عليها من خلال علاقة عاطفية ربطته بابنة أحد الوزراء ، فسلمها ، بعد أن حصل عليها ، لأستاذه محمد التابعي ، رئيس تحرير "روزا اليوسف" ، الذي نشرها على صفحة كاملة بالمجلة تحت عنوان ( مشروع اتفاق خطير بين الوزارة الحاضرة وشركة قناه السويس) . وحوى نص تلك الاتفاقية تسع مواد على النحو التالي : المادة الأولى : يمد امتياز شركة قناة السويس الذي ينتهي في ١٧ نوفمبر ١٩٦٨ الى ١٨ نوفمبر سنة ٢٠٢٨ . المادة الثانية : تقتسم الحكومة المصرية والشركة صافي الأرباح مناصفة ابتداء من اول يناير سنة ١٩٦٩ مهما قل إيراد الشركة . المادة الثالثة : تدفع الشركة للحكومة ستة ملايين جنيها ذهبا فورا وستة ملايين ذهبا أخرى على ثلاثة أقساط متساوية . الأول في أول يناير سنة ١٩٣٤ والثاني في أول يناير ١٩٣٨ والثالث في أول يناير سنة ١٩٤٢ . المادة الرابعة : تدفع الشركة للحكومة - زيادة على ما تقدم - ٧ في المائة من أرباحها من سنة ١٩٣٤ الى سنة ١٩٤٤ و ٩ في المائة من أرباحها من سنة ١٩٤٥ الى سنة ١٩٥٤ و ١١ في المائة من أرباحها من سنه ١٩٥٥ الى سنة ١٩٦٤ و ١٥ في المائة من أرباحها من سنة ١٩٦٥ الى سنه ١٩٦٨ . المادة الخامسة : يجري دفع ما تستحقه الحكومة في المواعيد المحددة لدفع أرباح المساهمين ويكون تقدير حصة الحكومة حسب القواعد المتبعة في تقدير أنصبة المساهمين من الأرباح . الماده السادسة : تضم الشركة إلى مجلس إدارتها ثلاثة أعضاء تعينهم الحكومة المصرية للإشراف مع مجلس إدارة شركة القناة . المادة السابعة : تفصل المحاكم المختلطة في كل خلاف بين الحكومة والشركة على أساس قانون الشركة الحالي . المادة الثامنة : تتنازل الحكومة عن حصتها البالغه ١٥ في المائة من الأرباح ، المقررة في المادة الثامنة عشرة من عقد الامتياز المؤرخ ٥ يناير سنة ١٨٥٦ والتي تملكها الأن الشركة المدنية ابتداء من ١٨ نوفمبر الى سنة ١٩٦٨. المادة التاسعة : لا يعتبر هذا الاتفاق نهائيا إلا إذا أقره البرلمان المصري والجمعية العمومية لمساهمي الشركة . * وبعد نشر تلك الوثيقة في "روزا اليوسف" ، أمر اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء بإجراء تحقيقات موسعة لمعرفة كيف تسربت إلى المجلة ، ولم يخطر بباله ولا ببال أي أحد من أعضاء الحكومة أن ابنة أحد الوزراء هي التي فتحت حقيبة والدها السرية وأخذت الوثيقة وأطلعت عليها الصحفي الشاب مصطفى أمين ، الذي كان يربطه بها علاقة عاطفية ، بل سمحت له بتصويرها في أحد استديوهات التصوير بمنطقة الزمالك ، ثم نشرها في أهم مجلة سياسية كانت تصدر في ذلك الوقت . وكان لهذا النشر دور كبير في وقف العمل بالاتفاق وطي صفحته بعد أن كان علي وشك التنفيذ بعد عرضه علي البرلمان . وهكذا لعبت " روزاليوسف" دورا وطنيا رائعا في احباط مؤامرة كان يمكن أن تغير تاريخ قناة السويس بما كان يصعب توقعه !! .. فتحية لهذه المجلة الرائدة في عيدها المئوي .

* أستاذ الصحافة بجامعة بنها

حكاية وثيقة غيرت مجري تاريخ قناة السويس د. عبدالله زلطة الجارديان المصرية