الخميس 6 نوفمبر 2025 03:54 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

أحمد أبو عدبة يكتب : العصبية والقبلية في انتخابات البرلمان.. بين الواقع والمأمول

الكاتب الكبير أحمد ابوعدبة
الكاتب الكبير أحمد ابوعدبة

مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تعود إلى السطح ظاهرة قديمة متجددة في الحياة السياسية المصرية، وهي العصبية والقبلية، التي لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد الانتخابي، خصوصًا في محافظات الصعيد وبعض المناطق الريفية، حيث تحكم العائلة والقبيلة توجهات الناخبين أكثر مما تحكمها البرامج الانتخابية أو الكفاءة السياسية. العصبية والقبلية في الانتخابات ليست وليدة اليوم، لكنها نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية ترسخت عبر عقود طويلة، جعلت الانتماء للعائلة أو القبيلة في بعض المناطق أقوى من الانتماء للوطن أو الفكرة أو حتى للمصلحة العامة. فما زال كثير من الناخبين يصوتون لمرشح قبيلتهم «ابن العم»، حتى وإن كان المنافس أكثر كفاءة أو خبرة، معتبرين أن التصويت للآخر نوع من "الخذلان" أو "العار القبلي". هذا النمط من التفكير يُفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي الحقيقي، الذي يقوم على الاختيار الحر المبني على البرامج والرؤى والخبرة، وليس على الروابط العائلية أو العصبية. فالانتخابات في جوهرها ليست معركة بين عائلات، بل هي تنافس شريف لخدمة الناس وتحقيق التنمية. وفي المقابل، لا يمكن إنكار أن القبيلة والعائلة كانت وما زالت تمثل ركيزة اجتماعية مهمة في حياة المواطن المصري، خاصة في الصعيد، فهي التي توفر الدعم والتكافل، وتلعب دورًا اجتماعيًا في الأزمات. لكن المشكلة تبدأ حين يتحول هذا الدور الاجتماعي إلى سلاح انتخابي يُستخدم لحشد الأصوات على أساس الولاء القبلي لا الكفاءة. الكثير من المرشحين يستغلون هذا الواقع، فيتحول خطابهم الانتخابي إلى شعارات قبلية، مثل "صوتوا لابن عمكم" أو "ابن قبيلتكم أولى"، بدلًا من عرض برامج تنموية أو رؤى واقعية لحل مشكلات الدائرة. وهو ما يؤدي إلى تراجع الوعي السياسي ويفتح الباب أمام الفساد والمحسوبية وضعف الأداء البرلماني. ولكي نواجه هذه الظاهرة، لا بد من رفع مستوى الوعي لدى الناخبين من خلال الإعلام والتعليم والمجتمع المدني، والتأكيد على أن البرلمان ليس مكانًا لتكريم العائلات، بل منبر لخدمة الوطن والمواطنين جميعًا. كما ينبغي على الشباب والنخب المثقفة أن يكون لهم دور فاعل في تغيير هذه الثقافة الموروثة، والدفع نحو اختيار الأصلح لا الأقرب. وفي النهاية، يظل الأمل قائمًا في أن تشهد الانتخابات البرلمانية المقبلة تحولًا حقيقيًا نحو الوعي والمسؤولية، وأن يتراجع نفوذ العصبية والقبلية أمام منطق العقل والمصلحة العامة، ليصبح صوت المواطن هو صوت الحق، لا صوت القبيلة.

أحمد أبو عدبة... .العصبية والقبلية في انتخابات البرلمان.. بين الواقع والمأمول الجارديان المصرية