دكتورة هبة الله حجاج تكتب : رسالة من على خشبة المسرح

الإبداع الفني المسرحي في مصر رساله من علي خشبه مسرح دار الاوبرا المصرية ..يظل المسرح المصري واحدًا من أهم المنابر الفنية التي تعكس وجدان المجتمع وتُعبّر عن قضاياه بصدق وقوة. فالإبداع المسرحي لم يعد مجرد عرض ترفيهي، بل أصبح أداة وعي، ومساحة حرة لمناقشة ما نعيشه من تحديات اجتماعية وثقافية. وفي هذا الإطار تأتي المسرحية "حاجة تخوّف" كنموذج فني عميق يجمع بين الجرأة والرسالة والمتعة البصرية....حيث تُقدّم المسرحية مجموعة من المشاهد التمثيلية القصيرة التي لا تتجاوز ثمانى دقائق لكل مشهد، لكنها تحمل داخلها رسائل قوية عن الانحلال الأخلاقي، وضياع التقدير للقيم والتاريخ، وتأثير الضغوط الاجتماعية، وغيرها من المشكلات التي يواجهها مجتمعنا اليوم فى مصر والوطن العربى ورغم أن مدة العرض لا تتجاوز الساعتين، إلا أن كثافة الأحداث وقوة الكتابة والأداء تجعل المشاهد يخرج وهو يفكر بعمق فيما شاهده...ويمتاز العرض بأداء تمثيلي لافت من مجموعة من المواهب التي أثبتت أن مصر ما زالت ولّادة للمواهب المصرية وللفن الحقيقي. فقد تألّق على الخشبة كل من:
مي حمدي ..ومجدي حمزة..وعمر لطفي ..وهبة كامل ..والأستاذ أحمد سيف.. ولقاء الصرفي الذين قدّموا لوحات فنية صادقة تبقى في ذهن المشاهد طويلاً.
كما كان للجانب الموسيقي دور محوري في تعزيز روح العرض من خلال اعداد موسيقي قدّمهم كل من: محمد سراج ومارك نادي حيث شكّلت الموسيقى خلفية شعورية أثرت في وجدان الجمهور وعكست أجواء كل مشهد ولا يمكن الحديث عن هذا العمل دون الإشادة بالمخرج الكبير خالد جلال الذي استطاع أن يخرج من كل ممثل أقصى درجات الإبداع وأن ينسج من عناصر العرض لوحة متكاملة الأركان تجمع بين الرؤية الفنية والرسالة المجتمعية ...إن وجود أعمال مثل “حاجة تخوّف” يؤكد أن مصر يوجد بها الكثير من الفنانين الموهوبين الذين يحتاجون فقط إلى فرصة ليظهروا إبداعهم. كما يُسلّط الضوء على دعم الدولة المتزايد للفن المسرحي ودورها في خلق مناخ يساعد الفنانين الشباب على الظهور وتقديم أعمال تُساهم في نهضة المجتمع وإصلاحه من خلال الفن الهادف...فالممثلون الصاعدون اليوم ليسوا مجرد وجوه جديدة، بل هم قوة فنية قادرة على صناعة التغيير، وإيصال رسائل هادفة تمس المجتمع مباشرة. ويستطيعون أن يتركوا أثرًا إيجابيًا داخل المشاهد ويساهموا في نشر الوعي وإحياء قيمة المسرح كوسيلة راقية للتعبير والإصلاح والتغيير