الخميس 11 ديسمبر 2025 04:51 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور القس جرجس عوض يكتب : رسالة إلى المؤسسة الرياضية المصرية

الدكتور القس جرجس عوض
الدكتور القس جرجس عوض

بعد الخروج المخزي من البطولة العربية هل رأيتم منتخبًا يمثل دولة كاملة، بينما يأتي من فصيل واحد فقط؟
ماذا ننتظر من فريق بلا تنوّع، وبلا عدل، وبلا شمول؟ حتى صار غياب اللاعب المسيحي علامة استفهام صارخة تكشف أن الاختيارات لم تعد قائمة على الكفاءة، بل على اعتبارات لا تمت للرياضة ولا للوطن ولا للضمير بصلة.
لم يكن خروج المنتخب القومي المصري من البطولة العربية مجرد خسارة كروية عابرة، ولا مجرد إخفاق رياضي مؤقّت؛ بل أصبح إدانة كاملة لمنظومة كرة القدم في مصر: منتخبًا، وأندية، وإدارات، وأساليب اختيار، وثقافة رياضية فقدت احترامها لنفسها قبل أن تفقد احترام جمهورها.
لقد كشف ما حدث عمق الأزمة التي تعيشها الرياضة المصرية منذ سنوات طويلة؛ أزمة اتسمت بالاختيارات الضيقة والنظرة الأحادية، التي غاب عنها العدل والكفاءة والتنوّع — ذلك التنوع الذي يُعد أساس قوة أي فريق وطني في العالم.
ومن المؤسف أن يتكوّن المنتخب القومي، الذي يمثل شعبًا متعدّدًا في ثقافته وانتمائه، من لون واحد وصوت واحد. حتى أصبح من “الطبيعي” أن نرى منتخبًا بلا لاعب مسيحي واحد، وكأن نصف الوطن غير موجود، أو غير جدير بالفرصة. والأعجب أن هذه المفارقة تتكرر جيلاً بعد جيل، بلا تفسير مقنع ولا رؤية إصلاحية.
الفريق الذي لا يُختار على أساس الجدارة، بل على أساس المحاباة والانغلاق، لا يمكن أن ينافس، ولا أن يرفع اسم مصر. والخروج المهين من البطولة العربية ليس سوى شهادة واضحة على أن الخلل لا يكمن في اللاعبين وحدهم، بل في منظومة كاملة بحاجة إلى مراجعة شجاعة وصادقة.
إن الكرة المصرية لا تستقيم إلا بجناحيها معًا، ولا تنهض إلا حين يشعر كل مواطن بأنه ممثَّل ومحترَم وله مكان في وطنه. فالرياضة، قبل أن تكون منافسة، هي رسالة مساواة وصورة صادقة لروح الشعب.
ولذلك نقول للمؤسسة الرياضية بكل احترام ووضوح:
إن لم تعدلوا فلن ينهض المنتخب، ولن تعود الكرة المصرية إلى مكانتها.
إن لم تفتحوا أبواب الفرص للجميع فستظل النتائج مخزية، مهما تغيّر المدربون وتبدّلت الخطط
لقد آن الأوان لإصلاح حقيقي يبدأ بالاختيار على أساس الكفاءة وحدها، وبإعادة النظر في قطاعات الناشئين، وبكسر دائرة التمييز الصامت الذي حرم الوطن من مواهب كثيرة كان يمكن أن تصنع الفارق.
مصر تستحق منتخبًا يمثلها كلها… لا جزءًا منها
وليس الأمر مقتصرًا على المنتخب القومي فقط، بل هو مأساة تمتد إلى الأندية المصرية. فبدل أن تكون مجالس الإدارات كيانات رياضية محترفة، تحوّل بعضها إلى مجالس ذات منطلقات غير رياضية، لا تعتمد إلا على المقربين، فانتشرت المجاملات، ووُضعت العراقيل أمام المواهب، فصُنِع الفشل صناعة.
أندية تبحث عن اللاعب “المقرّب” لا اللاعب الأفضل، وتعيد تدوير الوجوه ذاتها،
وتقصي آلاف الشباب لأنهم ليسوا من *أبناء النادي*، أو لأن انتماءهم الديني أو الاجتماعي لا يلقى القبول في الكواليس والنتيجة.
ملاعب بلا نجوم جديدة، منتخبات بلا روح، وأندية لا تزرع إلا الفشل
وللجميع نقولها بوضوح لا يلتبس إن لم تعدلوا لن تنجحوا:
إن لم تفتحوا الباب للمواهب من كل فئات الوطن ستظلون تدورون في دائرة العار
إن لم تُسقِطوا نظام الاختيارات السريّة والمحاباة… فلن ترتفع راية مصر في أي بطولة
مصر أكبر منكم جميعًا مصر تستحق منتخبًا حقيقيًا، وأندية تحترم موهبة اللاعب لا اسمه، وتمنح الفرص بالعدل لا بالتحيّز،
وتدرك أن الشرف الرياضي لا يُشترى، بل يُصنع بالصدق والمساواة.
أتمنى أن ينتهي زمن المجاملات… ويبدأ زمن الحساب.
الدكتور القس / جرجس عوض

الدكتور القس جرجس عوض رسالة إلى المؤسسة الرياضية المصرية الجارديان المصرية