محمد الشافعى يكتب: كرة القدم المصرية وسيناريو السقوط المتتالي

تشهد كرة القدم المصرية حالة من التدهور المتسارع الذي يتناقض ظاهرياً مع تأهل المنتخب الأول لتصفيات كأس العالم وإفريقيا، بينما يعاني المستوى العام من انهيار متعدد الأبعاد يهدد مستقبل الرياضة الأكثر شعبية في البلاد ، وليست بطولة كأس العرب إلا أزمة كاشفة للتدهور والتدنى لمستوى كرة القدم فى مصر بكل مضمينها سواء اللاعبين أو الفنيين أو الاداريين أو الحكام أو اتحاد الكرة أو الاعلام الكروى فنحن فى أزمات متتالية لا نعرف الخروج منها ؟

• مظاهر الأزمة المتشابكة

1- البطولات المحلية: إنتاجية متدنية وتهميش للموهبة المصرية

** أصبحت الدوري المصري مسرحاً للمواهب الإفريقية والعربية التي تحتل المراكز الأساسية في الأندية، بينما تتراجع فرص الصعود للاعب المصري الشاب.

** غياب رؤية تنموية حقيقية تعتمد على اكتشاف وتطوير المواهب المحلية، مما أفرز جيلاً ضعيفاً تقنياً وتكتيكياً.

2- . الإدارة الرياضية: فوضى مؤسسية وتيه فى اتخاذ القرار

**اتحاد الكرة: يعاني من غياب القيادة الفاعلة، حيث ينشغل رئيس الاتحاد بالرحلات مع تقدم سنه، بعيداً عن المتابعة اليومية لمتطلبات تطوير اللعبة.

** رابطة الأندية: تلاعب بالقواعد واللوائح، مما أسهم في عدم استقرار المسابقات وفقدان المصداقية.

**وزارة الرياضة: دور هامشي يقتصر على الزيارات البروتوكولية دون تدخل حقيقي لمعالجة الأزمات الهيكلية بالاضافة ال الطبطبة لبعض رؤساء الاندية من اجل الرضا بعيدا عن القوانين والقواعد واللوائح.

3- المنتخبات الوطنية: اختيارات قيادية غير مبررة

** تعيين مدربين للمنتخبات دون سجلات إنجاز محلية أو دولية تليق بقيادة أكبر منتخب عربي إفريقي.

** غياب الرؤية التطويرية للمنتخبات السنية، مما يهدد مستقبل الكرة المصرية على المدى المتوسط والبعيد.

4- الإعلام الرياضي: فوضى وتحليلات غير مهنية

** صراعات على الفراغات الإعلامية تقدم للجمهور برامج تحليلية فاشلة تفتقر للرؤية النقدية البناءة وتعمق المشاحنات بين الجماهير الكروية .

** إعلام يغلب عليه الإثارة والسطحية على حساب التحليل المتعمق والمقترحات الحلولية.

5-. الجماهير: عزوف متزايد وفقدان الثقة

** فراغ المدرجات بسبب ارتفاع أسعار التذاكر غير المبرر مع تدني المستوى الفني.

** فقدان الجمهور المصري لحماسه التاريخي تجاه الكرة المحلية نتيجة تراكم الإحباطات الكروية وتدنى المستويات والتناحر الغير مبرر بين اللاعبين والجماهير والفضائيات .

6- السوق الانتقالي: تضخم غير طبيعي

** التغالي في أسعار اللاعبين بشكل غير منطقي، مما يشوه السوق الرياضي ويرهق ميزانيات الأندية ولا يقدم أى مستوى أو حتى علاقات رياضية خلقية سليمة .

**عقود خيالية للاعبين دون مستوى فني مقنع، مما يعمق الأزمة المالية للأندية.

• الطريق إلى الإنقاذ: مقترحات عملية

** إصلاح مؤسسي جذري:

** إعادة هيكلة اتحاد الكرة برؤية جديدة وشبابية قادرة على العمل اليومي المكثف.

** تفعيل دور وزارة الرياضة كمنسق عام ورقابي للمنظومة الكروية.

** تطوير رابطة الأندية لتكون مؤسسة محايدة تحفظ مصالح الكرة المصرية ككل.

** تطوير المنظومة التنافسية:

** إعادة تصميم البطولات المحلية لترتقي بالمستوى الفني وتخلق منافسة حقيقية.

** وضع استراتيجية وطنية لنشر أكاديميات كروية في جميع المحافظات.

** تخصيص نسبة إلزامية للاعبين المصريين في تشكيلات الأندية.

**استعادة الثقة الجماهيرية:

**مراجعة سياسة التسعير لتتناسب مع القدرة الشرائية للجمهور المصري.

** تطوير تجربة المشاهدة في الملاعب وتحسين الخدمات الجماهيرية.

** إصلاح إعلامي:

** دعم برامج التحليل المهني القائم على البيانات والإحصاءات بدون التحيز لأى نادى .

** تشجيع الإعلام النقدي البناء الذي يطرح الحلول ولا يكتفي بتضخيم المشكلات.

• وفى الأخير ..

** الكرة المصرية تحتاج إلى ثورة إصلاحية حقيقية تبدأ بالاعتراف بحجم الأزمة وتشكيل تحالف وطني بين جميع الأطراف المعنية . . النجاحات الفردية للمنتخب الأول لا يجب أن تخفي أمراضاً هيكلية تهدد بانهيار المنظومة كاملة.

** السؤال المطروح: هل توجد إرادة حقيقية لدى القائمين على الكرة المصرية للتضحية بالمصالح الشخصية من أجل إنقاذ اللعبة من السقوط السحيق الذي يلوح في الأفق؟

الوقت لم يفت بعد، لكن النافذة تضيق يومياً، والكرة المصرية تنتظر من يمد لها يد الإنقاذ قبل فوات الأوان.