شبراوى خاطر يكتب : النظريات العلمية لخدمة المجتمع
من أكثر النظريات والتي تثير اهتمامي، التي اقترحها جيمس كيو. ويلسون وجورج إل. كيلينج عام ١٩٨٢
والتي تفاعل معها وفسرها وأضاف إليها علماء الاجتماع حول العالم هي نظرية "النوافذ المحطمة"، والتي بدأ تناولها ومناقشتها وتداولها من قِبل علماء الاجتماع في الولايات المتحدة الأمريكية كفرضية في علم الجريمة حيث تذهب إلى إن علامات الفوضى والتدهور البسيطة في الحي (مثل الكتابة على الجدران وانتشار القمامة والنوافذ المكسورة) تشير إلى غياب الرقابة، مما يشجع على ارتكاب جرائم أكثر خطورة، وتتوسع إلى السلوكيات المنحرفة، وبالتالي يجب معالجة المشاكل الصغيرة بجدية لمنع تفاقمها وتحسين النظام العام في المجتمع. وقد طبقت هذه النظرية في سياسات الشرطة، خاصة في نيويورك في التسعينيات، للحد من الجريمة من خلال معالجة المخالفات البسيطة بحزم، مثل التخريب أو التهرب من دفع الأجرة.
فالنافذة المكسورة غير المصلّحة تدل على أن لا أحد يهتم، مما يغري الآخرين بكسر نوافذ أخرى.
ومن تأثيراتها البصرية تظهر في تراكم المشاكل البسيطة مثل (تراكم القمامة، والكتابة على الجدران) وما أكثرها في المدن والأحياؤ المصرية مثل الانتشار العشوائي للباعة الجائلين في الشوارع ووسائل المواصلات وسد منافذ محطات المترو، وانتشار سرطاني قاتل للذوق العام والأمن والسلامة لظاهرة "التوكتوك" في معظم الأحياء المصرية التي تفتقد رقابة والتي تتسع وتتطور إلى فوضى أكبر، مما يخلق بيئة مناسبة ومحفزة للجريمة الخطيرة. أضف الى ذلك التشويه المتعمد والأناني لظاهرة الكتابة على الجدران وأعمدة الكباري
ولذلك أطالب كما طالب العلماء ورجال القانون ووسائل االإعلام ونشطاء المسئولية المجتمعية في الدول المتقدمة بتطبيق النظرية والتركيز على ملاحقة المخالفات البسيطة (الجنح) لمنع الجرائم الأكبر، مما يرسخ سيادة القانون.
وكما تم تطبيقها في مدينة نيويورك للحد من الجريمة، مع التركيز على مخالفات مثل التخريب والتهرب من الأجرة، مما أدى إلى زيادة حجم الاعتقالات.
وأصبحت هذه النظرية موضع نقاش في كل من العلوم الاجتماعية والمجال العام.
وبسبب الطرق التي تم تشريعها وتطبيقها واجهت تلك النظرية بعض الانتقادات لأنها أدت بشكل غير متناسب إلى اعتقال الأقليات وبعض غير المستنيرين والذين ينقصهم الوعي اللازم، ويرى هؤلاء المنتقدين أنها اصبحت تتحول إلى مجرد أداة قمعية وليست معالجة للجذور الاجتماعية للفقر واللامساواة.
وإنني أرى واعتقد كما اعتقد من قبل العديد من الخبراء بأن هذه النظرية يمكن تطبيقها على بيئات العمل والمدارس لمكافحة الفوضى السلوكية. وأن إصلاح المشاكل البسيطة في البيئات الحضرية على وجه الخصوص، يمكن أن يجذب استثمارات ويحسن قيمة العقارات ويحسّن الوضع الاقتصادي بشكل عام ويرتقى بالذوق والجمال الذي نتوق إليه، وتساعد على بناء الإنسان الواعي المتحضر بديلا عن حالة "النوستالجيا" التي تشغل بالنا والحسرة على زمن فات لم يعيشه معظم الأجيال الحالية،
وللعلم فإن تطبيق هذه النظرية، قد أوجزها الإسلام في مبدأ واضح أقرب إلى النصيحة مفادها:
"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، حتى أصبحت تلك النصيحة واجب شرعي أساسي في الإسلام، مما يعني حث الناس على فعل الخير الذي أمر الله به (المعروف) وردعهم عن الشر الذي نهى عنه (المنكر)، وأصبح لها ضوابط وشروط، أهمها العلم بالمعروف والمنكر، والرفق واللين في الدعوة، وعدم النهي عن منكر مع ارتكابه، وتتفاوت مراتب تطبيقه من إنكار بالقلب إلى إنكار باليد، حسب القدرة والظروف، وهو مسؤولية جماعية ومهمة لحفظ المجتمع من الانحراف،
ومن ذلك أيضاً القول النبوي الشريف: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، وتعني أن إزالة ما يؤذي الناس في الطريق، مثل الأحجار أو القاذورات والعشوئيات، ومخلفات الخردة، هو عمل خير يعادل في أجره الصدقة. يندرج هذا الفعل تحت شعب الإيمان.
وبذلك يُعتبر بعض الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة معينة مخالفة للقانون والأعراف مُخلّين بالنظام والقانون، وبالتالي غير مرغوب فيهم. ويتم استبعادهم من أماكن معينة ومناصب بعينها لأن سلوكهم لا يتناسب مع المستوى الاجتماعي للمجتمع ومحيطه ولا واجبات سلطاتهم. وهنا لا أتحدث فقط عن المخالفين للنظام والذوق العام ومنتفعي الفوضى والعشوائية، بل أشير إلى كل مسؤول خالف طبيعة مهامه ومسؤوليته، لأن لكل مجتمع معاييره الخاصة يجب أن تُتبع، وهنا دور السلطات لكي توجه رسالة قوية للمجرمين والمخالفين، ومن خلال (الرقابة الاجتماعية)، مفادها أن مجتمعهم لا يتسامح مع سلوكهم وتغليب مصالحهم عن المصلحة العليا للوطن. مع ذلك، إذا عجز المجتمع عن ردع المجرمين المحتملين بمفرده، فإن جهود الشرطة تُسهم في ذلك.
بإبعاد الأشخاص غير المرغوب فيهم والأشخاص الذين يتجاهلون مسؤولياتهم وواجباتهم، والذين يساعدون لإنتشار الفوضى والعشوائية في الشوارع، لكي يشعر المجتمع بمزيد من الأمان ويزداد تقديرهم لمن يحمونهم. وربما يتصدى لهذه المهمة سلطات تنفيذية محددة متعاونة يمثلها وزارة التنمية المحلية ووزارة الداخلية ووزارة السياحة والهيئات المسئولة. ويتم إبعاد الأشخاص الأقل تهذيبًا والذين يحاولون ترك بصمة سلبية في المجتمع، وهنا لا انادي بالاستبعاد المجحف، بل أنادي بمشاركة العلماء والمتخصصين بدراسة الأوضاع ذات الصلة ووضع الحلول الجذرية التي تضع حل شامل لتلك القضايا.
وربما نستلهم ونستنسخ الجهود التي قامت بها مدرسة شيكاغو (التي تُوصف أحيانا بأنها المدرسة البيئية) يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى قسم علم الاجتماع بجامعة شيكاغو. وهي أول هيئة رسمية ظهرت خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين متخصصة في البحث في علم الاجتماع الحضري من خلال الجمع بين العمل الميداني النظري والإثنوغرافي في شيكاغو. الوقت وشارك فيه علماء في العديد من جامعات منطقة شيكاغو، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي انتهج أعضاءها منهجاً علميا يستخدمون فيه الرمزية التفاعلية بالاقتران مع البحث الميداني (التي يشار إليها اليوم غالبًا بالإثنوغرافيا).
أطالب وأناشد ونحن نحاول تطبيق أهداف رؤية مصر ٢٠٣٠، ومن اهمها بناء الإنسان المصري، بفتح حوار بين الخبراء والعلماء ورجال السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، ويتم تشخيص الامراض الاجتماعية ذات الصلة بهذه النظرية (وما أكثرها)، ووضع الحلول المناسبة بشكل مرحلي وتدريجي بقوة العلم وأحلام الجمهورية الجديدة.












الداخلية توضح حقيقة التعدي على طفل داخل مدرسة بقنا
القبض على المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة فى النزهة
السجن 10 سنوات لمتهم بتهديد فتاة على مواقع التواصل الاجتماعى بسوهاج
حكم رادع: السجن 5 سنوات لمتهم بـ ”الابتزاز الإلكتروني ونشر الصور” في...
سعر الدولار اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 مقابل الجنيه المصري
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..
استقرار أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الاحد 23-11-2025