الأربعاء 17 ديسمبر 2025 08:23 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد الشافعى يكتب : أم كلثوم: كوكب الشرق الخالد الذي لا تُمسّ قدسيته

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

أم كلثوم ليست مجرد مطربة عربية، بل هي ظاهرة ثقافية وإنسانية تجاوزت حدود الزمان والمكان. لقد كانت - وما زالت - صوت مصر النابض، وضمير الأمة العربية، وإحدى أهم الرموز الثقافية في القرن العشرين. لذلك فإن أي محاولة للتعامل مع سيرتها العطرة يجب أن تنطلق من منطلق التكريم والاحترام الذي تستحقه.

• أم كلثوم .. رمزية تاريخية تتجاوز السيرة الشخصية

لقد حملت أم كلثوم على عاتقها رسالة فنية سامية، فكانت سفيرة مصر والعرب إلى العالم، وغنّت للوطن والقومية والحب الإنساني.

تبرعاتها السخية للمجهود الحربي وأعمالها الخيرية الكثيرة تشهد على كرم نفسها وانتمائها العميق لأمتها. فكيف يُصورها البعض بخلاف هذه الصورة المشرفة؟

• الفيلم الجديد: أسئلة مشروعة وغضب مبرر

الضجة حول الفيلم الذى أنتج عن حياة السيدة أم كلثوم تستحق التأمل والمناقشة:

١- التمويل الخارجي والأجندات: يشكل التمويل الخارجي للفيلم علامة استفهام كبيرة حول الأهداف الحقيقية من وراء هذا العمل، خاصة عندما يأتي من جهات قد لا تفهم السياق الثقافي والتاريخي العميق لشخصية مثل أم كلثوم.

٢- مسؤولية الفنانين المشاركين: من المؤسف أن يقبل فنانون مصريون على المشاركة في عمل قد يشوه صورة أيقونة مصرية بهذا الحجم ، الفنان الحقيقي يحمل مسؤولية الحفاظ على التراث الثقافي الوطني.

3- تصوير الجوانب الشخصية بشكل مبتذل: التركيز على تفاصيل حياتية خاصة وإبرازها بشكل مبالغ فيه - إن صحت أصلاً - يُعد انتقاصاً من قيمة إرثها الفني الهائل وتأثيرها التاريخي. فلماذا لا يركز الفيلم على الفن الراقى الذى قدمته عظيمة القدر وعالية المقام ام كلثوم .

٤- تدخلات مشبوهة: مشاركة شخصيات مثل تركي الشيخ " اللغز " تثير القلق، خاصة مع سجل تدخلاته التي غالباً ما ارتبطت بجدل كبير فى كل تدخلاته سواء فى الرياضة او الفن المصرى .

• الخلود الفني يقاوم التشويه

رغم كل المحاولات، تبقى أم كلثوم في قلوب الملايين حول العالم .. إرثها الفني الخالد، وأغانيها التي مازالت تتردد في كل بيت عربي، وشخصيتها الوقورة التي تحظى باحترام جميع الأجيال، كل هذا يجعل من أي محاولة لتشويه سيرتها محاولة محكوم عليها بالفشل ومحكوم على مشاركيها بالنبذ والنقص .

• أم كلثوم العظيمة .. أكبر من أن تُختزل في تفاصيل جانبية، وأعظم من أن تُمسّ كرامتها بعد رحيلها .. إنها حالة استثنائية في تاريخ الفن والثقافة العربية، وتستحق منا كأمة أن نحافظ على صورتها الناصعة كما عرفناها الصوت الذي جمع العرب، والقلب الكبير الذي ضمّ محبة الملايين، والرمز الذي يفتخر به كل مصري وعربي في كل مكان.

كوكب الشرق سيظل مضيئاً في سماء الفن العربي، ولن تؤثر فيه محاولات الصغار المشكوك في نواياهم، لأن أم كلثوم صارت ملكاً للتاريخ، والتاريخ ينتصر دائماً للحقيقة وللعظماء الحقيقيين.

محمد الشافعى أم كلثوم: كوكب الشرق الخالد الذي لا تُمسّ قدسيته الجارديان المصرية