الأحد 21 ديسمبر 2025 02:41 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

زكريا سليمان يكتب : البخل صفة ذميمة.

الكاتب الكبير زكريا سليمان
الكاتب الكبير زكريا سليمان

قال أحد علماء النفس "كن شغوفا كالطفل في حب التعلم ، والاكتشاف ، ألا تراه يقوم بفك لعبته الذى اشتراها له والده جزءا جزءا ، حتى يخرجها عن الخدمة تماما !، فهيا بنا نكون مثله في حب العلم ، والاكتشاف .. ولكننا سنحاول جاهدين أن نفكك ونفسر حديثا من أحاديث رسول الله ﷺ ولكن بهدف فهمه الفهم الصحيح ، مستخلصين منه العبر ، والدروس ، كي تكون نبراسا لنا في حياتنا ،ولا نريد أن نفكك ذلكم الحديث كي نخرجه عن الخدمة كما بفعل هؤلاء الأطفال بإدراكهم المحدود ، وفهمهم الضيق بوضع الشبهات الباهتة عليه ، والأكاذيب الباطلة .. هيا بنا نضع النقاط على الحروف ، ونفكك حديثا من أحاديث رسولنا الكريم كي يستبين لنا الحق من الباطل ، والغث من السمين . فقد ذكر لنا الرسول ﷺ نموذجا مفرطا في السلبية لأحد الرجال ، حتى نتجنب ما يفعله ذلك الرجل من أفعال مشينة يقوم بها ، بل ونستنكرها جملة ، وتفصيلا ، حيث أن سلبيته هذه شملت فكره ، وعقله ، وقلبه ، وجميع جسده من رأسه حتى أخمص قدميه . قال رسولنا الكريم ﷺ "يا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلين ، فقال "يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم" وقال "يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم" وذَكرَ الرَّجلَ يُطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يدَه إلى السَّماءِ يا ربِّ يا ربِّ ،ومطعمُه حرامٌ ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ وغذِّيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلِك"
سألقى الضوء على ذلك الرجل الذى ذكره الرسول ﷺ الذى يطيل السفر، عندما نفسر ذلك الحديث النبوي الشريف ، ونتأمل في كل جزء من جزئياته ، ستجد الآتي :أن هذا الرجل يطيل في سفره ، ومعنى ذلك أنه رجل ثرى ، ولكنه ، يعيش حياة الفقراء المعدومين ! ذلك لشحه الشديد ، وبخله المتفاقم الذى بلغ منه حدا لا مثيل له ! فإنه يبخل على نفسه أن يشترى بماله الطعام ، والشراب ، والملبس ! فهو يتسوّل طعامه ، وشرابه ، وملبسه ممن يعرفهم ، وممن لم يعرفهم !
فالناس تتحاشاه من كثرة طلباته التي لا تنتهى ، ولا تنفك عنه ، فإنها أصبحت غريزة فيه ، وتجرى منه مجرى الدم !
ولقد حثنا الله بالتعقل في بذل المال ، فنهانا عن البخل ، والمبالغة فيه ، كما نهانا أيضا عن المبالغة في إنفاقه ، بل نكون وسطا بين هذا ، وذاك ، فقال "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورا"
ولم يكتف ذلك الرجل بالمبالغة في البخل ، والحرص الشديد عليه ، بل يضن على نفسه بالنزول من سفره لزيارة ذويه كوالديه ، وأبنائه ، وزوجته ، ومعارفه من الناس ! ولم يشتق إلي وطنه مطلقا ! نعم إنه غليظ الجلد ، وحجري القلب ،كما أنه لم يهتم بنظافة بدنه ، ولا يهتم بهيئته ! ولذا ومن الطبيعي أن تخرج منه روائح كريهة تؤذى من حوله من الناس ! فهو "أشعث أغبر" فكل اهتمامه بشيء
واحد فقط ، هو جمع المال ، لا غير ! فهو عبد للدرهم والدينار ، فقد قال رسول الله ﷺ "تعس عبد الدرهم ، والدينار" والأدهى من ذلك أنه يقوم بدور الضحية ، والممثل الفاشل ، مرتديا ثوب التقىّ النقي ، فيمد يده إلى السماء داعيا ربه، ويقول "يا ربِّ يا ربِّ" أي خداع هذا ! أي كذب هذا ! فإن خداعه ، وكذبه لاينطويان على احد، فكيف ينطويان على الله خالقه ؟ !

زكريا سليمان البخل صفة ذميمة. الجارديان المصرية