دكتورة خلود حميدة تكتب: فيروس نباتى يواجه الخلايا السرطانية

تخيل إن العلم وصل لمرحلة إن الباحثين بقوا يستخدموا، أو بمعنى أصح يروضوا، فيروس نباتي غير ضار للإنسان، علشان يساعد الجسم يواجه الخلايا السرطانية.

الفيروس ده اسمه Cowpea Mosaic Virus، وهو في الأصل فيروس بيصيب النباتات ومش قادر يتكاثر ولا يسبب أي عدوى في الخلايا البشرية، وده بالظبط اللي خلاه اختيار مثالي للباحثين، لأنه آمن تمامًا وفي نفس الوقت الجهاز المناعي بيتعامل معاه كجسم غريب قوي.

اللي بيحصل إن الفيروس ده لما يتحقن مباشرة جوه الورم، بيشتغل كأنه جرس إنذار، ينشّط خلايا المناعة الفطرية ويغيّر طبيعة Tumor microenvironment من بيئة خاملة ومثبطة للمناعة لبيئة مليانة إشارات تنشيط. ده بيخلي خلايا المناعة، خصوصًا T cells، تبدأ تشوف الورم كهدف واضح لازم يتهاجم. الفيروس هنا مش بيقتل الخلايا السرطانية بنفسه، لكنه بيحبّب الجهاز المناعي في الورم ويخليه محور الهجوم.

بس تنشيط المناعة لوحده مش دايمًا كفاية، لأن الجسم عنده فرامل طبيعية بتحاول تمنع خلايا المناعة إنها تشتغل زيادة عن اللزوم. هنا بييجي دور Immune checkpoint therapy، واللي فكرته إنها تشيل الفرامل دي وتسيب T cells تشتغل براحتها وتهاجم الخلايا السرطانية. الطريقة دي فعلا قدرت تحقق استجابات قوية جدًا في بعض المرضى، لكن المشكلة إنها مش دايمًا بتنجح مع كل الناس. في بعض المرضى المناعة عندهم ما بتصحاش أصلا، أو بتصحى شوية وبعدين تتعب، وفي حالات تانية الورم بيتعلم إزاي يهرب ويرجع أقوى، فبيحصل انتكاس أو مقاومة للعلاج.

علشان كده الباحثين بدأوا يفكروا في combination immunotherapy، يعني يجمعوا بين أكتر من أسلوب في نفس الوقت. الفيروس النباتي بيشتغل كإشارة إنذار جوه الورم ويصحّي المناعة، وImmune checkpoint therapy بيشيل الفرامل اللي ممكن توقف خلايا المناعة. الاتنين مع بعض بيخلو الاستجابة المناعية أقوى وأوضح، وبيقللوا فرص إن الورم يهرب أو يرجع تاني بعد العلاج.

واحد من أهم النقاط اللي الباحثين ركّزوا عليها في شغلهم لما جمّعوا بين العلاج المناعي داخل الورم باستخدام Cowpea Mosaic Virus intratumoral immunotherapy وبين Immune checkpoint therapy علشان يرفعوا كفاءة العلاج، هو التركيز على Lymphocyte activation gene 3، أو LAG-3. النقطة دي زي فرملة طبيعية موجودة على سطح خلايا المناعة المختلفة، خصوصًا T cells. لما الخلايا التائية تتنشط وتشتغل كتير ضد الورم، تعبير LAG-3 بيزيد، وده بيأدي لظاهرة اسمها T cell exhaustion، يعني الخلايا المناعية تفضل موجودة في الجسم لكنها ما بتشتغلش بكفاءة، وكأنها تعبت ومقدرتش تكمل الهجوم.

وبالتالي الربط هنا بقى واضح: الفيروس النباتي جوه الورم بيصحّي المناعة ويخلي الخلايا تركز على الورم، وImmune checkpoint therapy بيشيل الفرامل التقليدية. لما نضيف التركيز على LAG-3 ونحاول نثبّطه، إحنا بندي فرصة أكبر للخلايا التائية إنها تشتغل بكفاءة وتهاجم الورم بجد، بدل ما تفضل موجودة بس من غير تأثير حقيقي. الجمع بين كل ده بيعمل استجابة مناعية أقوى، وبيقلل فرص إنهاك الخلايا أو فشل العلاج.

في نموذج فئران لسرطان الجلد من نوع melanoma، الجمع بين Cowpea Mosaic Virus intratumoral immunotherapy وanti Lymphocyte activation gene 3 therapy عمل تحسن ملحوظ في الاستجابة المضادة للورم. كمان لقوا إن تعبير Lymphocyte activation gene 3 بيزيد جوه Tumor microenvironment بعد حقن الفيروس داخل الورم، وده بيوضح ليه الدمج بين الطريقتين مهم.

عموما فكرة استخدام فيروس لتوجيه الجهاز المناعي ضد السرطان مش جديدة، بالعكس، في دراسات وأبحاث قديمه اتجرب قبل كده بأنواع مختلفة من الفيروسات، لكن الجديد في البحث ده هو استخدام Cowpea Mosaic Virus النباتي، اللي أثبت إنه آمن تمامًا للإنسان وفعّال في تحفيز المناعة جوه الورم.

الدراسة دي اتنشرت في مجلة Cancer Immunology, Immunotherapy سنة 2024، وبتقدّم مثال عملي واضح على إزاي العلم ممكن يبتكر طرق ذكية لاستغلال الفيروسات التي تنتشر في النباتات بديلا لفكرة القضاء عليها فقط