الخميس 1 يناير 2026 12:39 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

زكريا سليمان يكتب : مكانة الإنسان عند خالقه

الكاتب الكبير زكريا سليمان
الكاتب الكبير زكريا سليمان

إن الإنسان صنعة الله في أرضه ، وإبداعه في ملكوته ، ولذا خصّه بأشياء لم ،
ولن يؤته لأحد سواه من الكائنات الأخرى .. فصورته متميزة ، فهو على أكمل ،
وأجمل هيئة .. متناسق الأعضاء ، منتصب القامة ، مرفوع الرأس شامخا له عزّة
لكونه إنسان ، بل فضّله ، وكرّمه عليهم ، واقرأ إن شئت قوله تعالى"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا
بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" وليس هذا ، فحسب ، بل أن الله تعالى سخّر له جميع مخلوقاته ،
كى يستفيد منها أيما استفادة ، ويستغلها أفضل استغلال ، في جمبع المجالات ،
كالمجالات العلمية ، والعملية ، والصحية ، والتربوية ، والغذائية ، والاقتصادية ،
والفلكية ، والتكنولوحية ، والترفيهية ، والسياحية ، ... ألخ من المجالات ، كى
تزدهر حياته رقيا ، وتقدما ، وتحضرا ، فقال الله مجملا" أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم
مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" وقال أيضا
بشئ من التفصيل "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ
تُسِيمُون*يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي
ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون* وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ
مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا
طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون" كما أن الله جعله رائدا ، وزعيما ، بل خليفته في أرضه "وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة" ولذا لم يكن غريبا أن تشاهد "الأسد"
ذلك الحيوان المفترس داخل قفص حديدى في حديقة الحيوان كالفأر المذعور ، لا
يستطيع أن يخرج من محبسه ! كما أنك ترى غيره من سائر الحيوانات الأخرى
كذلك ، فيشاهدهم الأطفال ، ويداعبهم الصبية ، فضلا عن غيرهم من الناس ، كما
أنك ترى الجمل الكبير يقوده طفل في شوارع الجيزة ، والأقصر لا يتجاوز عمره
السبع سنوات ، بل يحركه يمنة ، ويسرة ، ووقوفا ، وقعودا كما يحلو له !
وإذا تتبعت كتاب الله ، فإنك ستجد سورة تسمّى بسورة "الإنسان"
كما أن الله قد أمر ملائكته بالسجود لأول إنسان خلق ، وهو سيدنا آدم عليه
السلام ، فسجدت طاعة لربها ، ومكانة ، وتكريما لهذا المخلوق المتميز .. وقد
سجل الله ذلك في كتابه الخالد ذلك ، فقال"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا"
وليس هذا فحسب ، بل أن الله إذا أراد أن يناديه فإنه يناديه بأحب
الأسماء إليه ، وبأشرف الألقاب له ، فيقول له"يأيها الإنسان" فما أروع ذاك الاسم
، وذلك اللقب ! لأنه يحتوى على مجموعة من السلوكيات والقيم التي لم تكن
موجودة في غيره .. مثل : التعاطف ، والتراحم ، والتعاون ، والمروءة ، والتحلّى
بأنبل الأخلاق ، وكل ذلك ممتزجا بالعقل ، والحكمة ، والفكر ، والإيمان ، فما
أجلها من صفات ، وما أكثرها من معان ! يقول تعالى "يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ
إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ" فهذه هي مكانة الإنسان عند الله خالقه
أبعد هذا التكرم تكريما ؟ ! أبعد هذه المكانة مكانة ؟ ! ألم يكن الله أحق بالتعظيم ،
والعبادة ؟ !

زكريا سليمان مكانة الإنسان عند خالقه الجارديان المصرية