الثلاثاء 23 أبريل 2024 08:20 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الأديبة نور قزاز تكتب من اسطنبول : سفر الروح

الأديبة نور قزاز
الأديبة نور قزاز

سفر الروح
قمت بشق ملابسي أعلى صدري لعل النار التي تغلي بداخله تتبخر. كنت أسمع غليان دمي وصراخ قلبي وتخبطه وتحطم روحي ونبض كل جزء من جسدي وكأني تائهة في مصنع ينهار بداخلي ولا أعرف كيف أهرب منه أو أوقف انهياره لأنجو. لا أعلم لماذا اخترت المرآة لأبثّ شكواي أمامها دوناً عن كل أحبائي، كنت أنظر في عينيّ وأقترب وأقول : يا رب لم أعد أريد هذه الحياة فلقد فشلت فيها. قد يكون العيب بي وانا لا أستحق من الحياة الحب. كنت أنفث من صدري آهات خفيضة طويلة، وطلبت ليلتها ممن في السماء إن كان يسمعني أن يأخذني اليه. وبعد قليل، صاحت ركبتاي من تثاقل جسدي ولم تعودا قادرتين على حمل ثقل همي. كان احساساً قاتلاً باليأس، وآخر ما أذكره أني هويت الى الارض وشعرت أنني فقدت السيطرة على التحكم بنفسي واستسلمت . أذكر أني رأيت بعين قلبي نفقاً طويلاً مظلماً بدأت أركض فيه وتعثّرتُ قليلاً وسقطتُ ثم استجمعتُ قواي وتابعتُ الركض ولمحتُ باباً في آخره وتابعتُ الركض بشغف وإصرار. اقتربت من الباب وإذ بنور يلوح لي ويلفحني فأغمضت عينيّ بسرعة من قوة حضوره ثم فتحتهما ببطء شديد فرأيت باباً يطلّ على كوكب سحري وكأنه جمع الشمس والقمر، كان جميلاً جداً ومعلقاً وسط فضاء يكتسي بالسواد. كان قمراً ذهبياً يشعّ نوراً كثيفاً يقف بداخله رجل لا أعلم هل هو ملك السماء أم ملك الموت، فخرجت اليه بروحي لا بجسدي وكأني ارتدَيت عباءة من نور حتى أستطيع تحمل قوة ذلك الضوء المنبعث، وضمّني بين ذراعيه لدرجة شعرت أننا اندمجنا وتوحّدت دقّات قلبينا. بدأت أشعر بنبضه بي فأردت ان أشكو اليه همي وأخبره كم يحاصرني الألم وكم نزفت روحي فوضع كفه على فمي وقال لي: اهدئي، أعرف ما تريدين قوله. نحن الآن واحد، أنت الآن في حضرة نور قلبك، إستشعري الطاقة في كل أنحاء جسدك، أغمضي عينيك. وبالفعل بدأت أشعر بخدر لذيذ ودفق حياة جديدة تسري داخل عروقي ودموع غزيرة تنهمر بصمت. قال لي بعينيه فقط دون ان يتكلم او يحرك شفاهه: ستعودين الى الارض بعبق حياة جديدة. لم يَحُن أوانك بعد لتغادري. فقلت بغضب: لا، لا اريد الأرض، وعانقته بلهفة يتيم عثر على حضن دافئ بعد برد طويل .أريد ان ابقى معك فقال: حبيبتي ستولدين من جديد بقلب أقوى، وإذ بقوة عجيبة تدفع بي الى بداية النفق. ارتميت بقوة الى الارض وعدت الى لباس جسدي حيث كان أمامي باب معاكس للأول فتم دفعي اليه بقوة ......

#رواية_ليليا رحلة البحث عن الذات .....نورقزاز