الجمعة 29 مارس 2024 02:56 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب: بالعقل أقول ...( براعة التفاوض فى الأزمات ...)

خالد درة
خالد درة

عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية التفاوض مع الثوار الفيتنامين أرسلت لهم أن يرسلوا وفدا يمثلهم في باريس للتباحث حول وقف الحرب بعد أن أوغل ثوار فيتنام بالجنود الأمريكان ..
وفعلا أرسل الثوار وفدا مكون من أربع ثوار هما امراتان ورجلين وكانت المخابرات الأمريكية قد جهزت لهذا الوفد إقامة بأرقى فنادق باريس وجهزت لهم كل أسباب الراحة والمتعة وكل مالذ وطاب وعندما وصل الوفد الفيتنامي إلى مدينة باريس ونزل في المطار كانت هناك سيارات تنتظر الوفد لتقله إلى مكان إقامته ولكن الوفد رفض ركوب السيارات وطلب مغادرة المطار بطريقته وأنه سيحضر الإجتماع في الوقت المحدد واستغرب الوفد الأمريكي ذلك وسأل رئيس الوفد وأين ستقيمون فأجاب سنقيم عند طالب فيتنامي في أحد ضواحي باريس فتعجب الأمريكي وقال له قد جهزنا لكم إقامة مريحة في فندق فخم فأجاب الفيتنامي نحن كنا نقاتلكم ونقيم في الجبال وننام على الصخور ونأكل الحشائش فلو تغيرت علينا طبيعتنا نخاف أن تتغير معها ضمائرنا فدعونا وشأننا وفعلا ذهب الوفد وأقام في منزل الطالب الفيتنامي ليقوم بعدها بمباحثات أدت لجلاء المحتل الأمريكي عن كل فيتنام : حين التقى الوفدان على أرض المطار ، بادر الامريكي لمصافحة الوفد الفيتامي لكنهم رفضوا وقال كبيرهم : لازلنا أعداء ولم يخولنا شعبنا مصافحتكم فمن يبيع ضميره باع وطنه.. فالإنسان يستطيع أن يعيش بصمامات يركبها له الأطباء في قلبه.. ويمكن أن يعيش بنصف رئة... لكنه لا يستطيع أن يعيش بنصف ضمير...
ففن التفاوض فى الأزمات يستوجب الحكمة والإتزان فى إدارة المواقف وتحويل كافة جهات المعارضة والضد إلى جبهتك وفى صفك بكل هدوء وعقلانية حتى وإن كنت أنت هذا الجانب الضعيف أو الأضعف ، والتحلى بفن الصبر والمراوغة والحيلة والتظاهر بالقوة ...
وهذا ما نراه فى محادثات ومفاوضات سد الخراب فى أثيوبيا ومدى التعنت الذى تظهره تجاه مصر والسودان وإصرارها على أخذ المنطقة بأكملها إلى الجحيم والمجهول ...
إلّا أننى أثق كل الثقة والتى تصل إلى حد الثقة العمياء فى حكمة وعقلانية القيادة السياسية فى مصر والممثلة فى قائدها الرئيس السيسى فى إتخاذ القرار الصائب والحكيم فى هذا الأمر ، حتى لو لم يكن أمامه غير الإختيار والخيار العسكرى فهو أيضاً أحد أهم الحلول وأخر سيناريوهات التفاوض ، على الرغم من أن هذا الحل مُكرهاً وغير محبوب للجميع إلّا أنه كتب علينا الحرب والقتال وهو كرهُ لنا ، وعلينا الإستعداد والقتال لنحيا .
ولنعلم أن العدو فى هذه الحالة متعدد ومستتر لكنه معلوم لدينا بتحركاته وتوجيهاته ودعمه الباطن والغير معلوم لدولة أثيوبيا ، وإن كنا نراه ونعلمه جيداً من خلال صمته وسكوته وعدم إظهار أى ردود أفعال تجاه تعنت أثيوبيا ، وأثيوبيا ماهى إلّا آداة فقط فى هذه الحرب القذرة المنتظرة ، وبالرغم من مناداة مصر والسودان للرأى الدولى ومطالبتهم بالتدخل حتى بالوساطة إلّا أنهم يسمعون ولا ينطقون كأنهم خشبُ ممدة صمُ بكمُ عُمى لا ينطقون .
من هنا يبدوا لنا ويتضح أن العدو معلوم ولابد من مواجهته والتعامل معه بحجمنا نحن لا بحجمه ، فنحن قادرون ...