نهال مجدى تكتب: هل تنجح الوساطة الأمريكية فيما فشلت فيه مفاوضات عقد كامل لحل ازمة سد النهضة؟
الجارديان المصريةفى إطار نهج الرئيس الأمريكي جو بايدن فى السير عكس اتجاه سلفه دونالد ترامب يحاول بايدن توطيد العلاقة بالقارة الإفريقية التي لم يزورها ترامب طوال فترة حكمه، استحدث بايدن منصب المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي وعين له السياسي المحنك جيفري فيلتمان. ولم يكتفي بايدن بهذا المنصب المستحدث، بل وصل اهتمامه بالقارة السمراء انه أرسل رسالة بالفيديو للقمة الإفريقية الأخيرة اعرب عن أمله ان يحضر بنفسه القمة القادمة.
ولكن هذا التغير فى السياسة الامريكية كان سببه الرئيسي هو التوتر المتصاعد فى إثيوبيا وخصوصاً إقليم التجراي والذي ينذر بحرب أهلية تتسع رقعتها، بالإضافة بالطبع للملف الأهم والأخطر وهو سد النهضة والخلاف حول مياه النيل بين دولة المنبع (إثيوبيا) ودولتي المصب (مصر والسودان) والذى تعقد لدرجة تجعل الأمر يبدو وكأننا على وشك أولي حروب المياه بعد عقد كامل من المفاوضات التى وصلت لطريق مسدود.
وتعلق الإدارة الأمريكية الأمال على الجولة الإفريقية التى يقوم بها الأن فيلتمان وبدأها من القاهرة لتمتد الى السودان فإرتريا وتنتهي فى إثيوبيا. وفى بداية الجولة جاءت الرسالة المصرية شديدة الوضوح على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو ان مصر لن تقبل بأي حال من الأحوال ان تتأثر حصتها من المياه، وهي نفس الرسالة التى وصلت واشنطن من قبل على لسان السفير المصرى فى وقت سابق.
ولم يبد المراقبون والمحللون الكثير من التفاؤل بهذه الجولة المكوكية للدبلوماسية الأمريكية ورأوا أنها لن تنجح إلا إذا التزمت إثيوبيا، وهو أمر مستبعد إذا ما استرجعنا الحالات السابقة التي توسطت فيها أميركا والاتحاد الإفريقي، فيما لم تبد إثيوبيا أي مرونة أو رغبة وإرادة في الوصول لحل. وربما الأمثر تفاؤلاً يروا بارقة الأمل التي قد تخفف أو توقف التوتر على الأقل خلال العام الحالي، وتتجسد بتدخل الطبيعة، بمعنى أن يأتي الفيضان مبكراً قبل موعده، عندئذ ستتوقف تعلية السد، وتتوقف معها عملية الملء الثاني حتى إشعار آخر.
وفي قت سابق وأثناء زيارته للخرطوم ، قال السناتور الديمقرطي الأمريكي كريس كونز ، رئيس لجنة فرعية تابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، إن الخلاف حول السد يحتاج إلى التفاوض (بحسن نية) للتوصل إلى اتفاق يضمن (تدفقًا آمنًا وثابتًا للعلاقات لنهر النيل.)
كما ناقش كونز ، وهو حليف رئيسي للرئيس جو بايدن ، في زيارة للسودان مع زميله السناتور كريس فان هولين رئيس اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا وسياسة الصحة العالمية مع القادة السودانيين النزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا.
والوساطة الأمريكية ليس الوحيدة فى هذه اللحظات الحرجة فخلال هذا الإسبوع أيضاً زار الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي السودان، لإجراء مباحثات يُتوقع أن تشمل وساطة لحلحلة الأزمة، بالتزامن مع اقتراب موعد بدء الملء الثاني للسد في إثيوبيا. هذا بخلاف التصعيد الكبير بين السودان وإثيوبيا الخاص بإقليم بني شنقول.
وجدير بالذكر انه في وقت سابق من الاسبوع الحالى أكدت مصادر صحفية أن الحكومة الإثيوبية بدأت بافعل بتجفيف الممر الأوسط للسد بالكامل، وباشرت الأعمال الإنشائية، تمهيدا لتعليته، وصب الخرسانة المسلحة، ما يعني أن الموعد المرتقب لبدء الملء الثاني سيكون 2 يوليو المقبل تزامنا مع بدء موسم الفيضان وهو ما يزيد من تفاقم الأزمة.
وقد حاولت مصر والسودان التحرك دبلوماسياً بشل مكثف خلال الفترة الأخيرة لحل الأزمة وتغيير الموقف الإثيوبي المتعنت. وهذا الأمر ليس بجديد فقد سعت الدولتان في هذا المسعى من قبل، في خطوة لتدويل الملف، وكان آخرها الجلوس في واشنطن على مائدة مفاوضات تمخضت عن اتفاق، لكن لم يتم التوقيع عليه من قبل أديس أبابا، حيث كان أهم تحرك دبلوماسي للدولتين في هذا الشأن. أما ما يجري الآن يمكن أن يكون توجه لتطويق إثيوبيا دبلوماسياً، في محاولة إشراك دول ذات وزن وثقل سياسي في المحيط الدولي والإقليمي.
وفى المقابل تتمسك إثيوبيا بالاتحاد الأفريقي كوسيط لحل هذه المشكلة، فقط لكسب الوقت لحين الانتهاء من الملء الثاني للسد، وبالتالي وضع مصر والسودان أمام سياسة الأمر الواقع، على الرغم من أن أديس أبابا تعلم تماماً أن قرارات الإتحاد الافريقي ليست ملزمة، لذلك فهي تراهن على الاتحاد الأفريقي لوحده، لأنها تدرك أن الاتحاد مثقل بمشكلات عديدة، ولن يستطيع بمفرده حلها بما فيها قضية هذا السد.
كما ان تحاول إثيوبيا إشغال الرأي العام العالمي بإهام جهات خارجية وأخرى داخلية لم يسمها، بإحداث فوضى وزعزعة أمنها وإستقرارها، وتدين ما تعتبره المؤامرات والضغوط التي تمارس عليها.