الأحد 8 ديسمبر 2024 11:54 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

د.كمال يونس يكتب : غرفة السطوح

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

عاد منتصف ليلة شتوية ممطرة عاصفة قارسة البرودة من مأمورية عمل ببلد نائي استغرقت خمسة أشهر ،كان يطمئن على زوجته وابنتيه الطالبتين بالجامعة بصعوبة ،فلم تكن ساعتها قد اخترعت الهواتف المحمولة ،وكانت الاتصالات الأرضية ضعيفة ، كانت زوجته تعمل بأحد البنوك، باردة المشاعر ،تعامله بفتور ،تصرفاتها خشنة ، خاصة بعد رفضه البات للهجرة في كندا حيث تعيش أختها في رغد موظفة بأحد البنوك ، ماكان يستطيع حتى طلاقها ،ليس من أجل ابنتيه ،بل أيضا لأن ديانتهما لاتسمح بالطلاق إلا لعلة الزنى ، رغم شوقه لابنتيه استسلم ، ولم يحاول الاتصال بهم،صابرا يمني نفسه بضمهم في أحضانه بعد عودته ، بينما يفتح باب الشقةبمفتاحه ، لم يستطع ،طرق الباب عدة طرقات ،فتحت الزوجة شراعة الباب، لقد انتهى مابيننا،أرجوك افتحي الباب دعك من الهزار الثقيل ، أفق أنا لا أمزح ،لقد خلعتك بالفعل ،وهاهي صورة من حكم المحكمة دفعتها بقوة من الشراعة فسقطت على السلالم بعيدا، أدار ظهره ليلتقطها ،فتحت الباب بسرعة ، دفعت بحقيبة ،ثم أغلقت الباب بسرعة، في ذهول تناول الورقة ، خلع!!! ، خلع!!!،لماذا ؟!!،والبنات ،ليس لك بنات ، يكفيني العمر الذي أضعته معك ، ماهذه الحقيبة ؟!!،بقية متعلقاتك،هيا اذهب وإلا استدعيت لك الشرطة ، ألقت من الشراعة ورقة ،هاهي ورقة تغيير الملة لي ولبناتك ، حمل الورقتين الحقيبتين ، مذلولا، مقهورا ،مكسورا، تلفه عاصفة جوية ، عقلية ، عاطفية، متوجها لبيت أمه التي يقيم معها أحد أشقائه بزوجته وأولاده ،طرق الباب ،فتحوا الباب ،فوجئوابه ، وحقيبتيه، حملوهما معه ،قلقين عليه، مندهشين ،استيقظت أمه رأته ،ارتمى في حضنها وشقيقه باكيا بكاء مرا ، ربتوا عليه، أفلحوا في تهدئته، أعدت له زوجة أخيه كوبا من الشاي كي يدفأ،يهدأ،حتى يستطيع أن يخبرهم بما حصل معه ،اراهم حكم المحكمة ،تغيير الملة ،كانوا في ذهول ،في الصباح أعدت أمه وزوجة أخيه شقة صغيرة بسطوح البيت ليقيم فيها حسب رغبته حتى يتدبر أمره ، كم من المفاجآت لايستطيع عقله استيعابها ،قضية الخلع وإعلانه على المزرعة ، دون أن يعرف به ، لذا حكمت المحكمة بالخلع غيابيا، استولت زوجته بموجب توكيل قانوني على كل رصيده في البنك ،باعت أملاكه السيارة ،المزرعة ،والتي كتبها لبناته كي لايرثه غير بناته فقط ،لا أمه ولا أخواته ، جمعت كل تلك الأموال سافرت لشقيقتها في كندا بعد أن تم قبول طلب الهجرة لها ولبناتها،وهاهو مهزوما ، مقهورا ،أعترف ببخله ، تقتيره في الصرف عليهن ،حجته أن يترك لهم مايسعدهما في مستقبلهن ،حتى كرهوا بخله وشحه،ساعدهم على ذلك برود ونفور زوجته منه ، وقد تاقوا للهجرة كي يعشن في رغد مثل خالتهن وبناتها ، وعاش بقية عمره في حجرة السطوح ببيت أمه أشعث الشعر، أغبر الوجه، يغلفه ضباب من الهذيان.